اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 209
(193-236)

ايها الفاسق الشقي! لا تغتر بكثرة الفساق، ولا تقل ان افكار اكثرية الناس تساندني وتؤيدني، ذلك لانه لم يدخل الفسقَ فاسقٌ برغبةٍ فيه وطلباً بذات الفسق، بل وقع فيه ولا يستطيع الخروج منه، إذ ما من فاسقٍ الاّ ويتمنى ان يكون تقياً صالحاً، وان يكون رئيسه وآمرهُ ذا دينٍ وصلاح، اللهم من اُشربَ قلبُه بالردة – والعياذ بالله – ففسد وجدانه بها، واصبح يلتذ بلدغ الآخرين وإيذائهم كالحية.
ايها العقل الابله والقلب الفاسد! أتظنُّ ان المسلمين لا يرغبون في الدنيا، ولا يفكرون فيها، حتى اصبحوا فقراءَ مُعْدَمين، فتراهم بحاجة الى مَن يوُقظهم من رقدتهم كيلا ينسوا نصيبهم من الدنيا.؟
كلا.. ان ظنك خطأ.. بل لقد اشتدّ الحرص، فهم يقعون في قبضة الفقر وشباك الحرمان نتيجة الحرص، اذ الحرص للمؤمن سببُ الخيبة وقائد الحرمان والسفالة. وقدْ ذهب مثلاً: الحريص خائب خاسر.
نعم، ان الاسباب الداعية الى الدنيا كثيرة، والوسائل السائقة اليها وفيرة، وفي مقدمتها ما يحمله كلُّ انسان من نفس أمارة بالسوء، وما يكمن فيه من هوىً وحاجةٌ وحواس ومشاعر وشيطانٍ عدو، فضلاً عن اقران السوء – من امثالك – وحلاوة العاجلة ولذّتها … وغيرها من الدعاة اليها كثير، بينما الدعاة الى الآخرة وهي الخالدة والمرشدون الى الحياة الابدية قليلون.
فان كان لديك ذرةٌ من الحمية والشهامة تجاه هذه الامة، وان كنت صادقاً في دعواك الى التضحية والفداء والايثار، فعليك بمدّ يد المساعدة الى اولئك القلة من الداعين الى الحياة الباقية. والاّ فان عاونت الكثرة، وكممت أفواه اولئك الدعاة القلة، فقد اصبحت للشيطان قريناً. فساء قريناً.

لايوجد صوت