اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 214
(193-236)

الفطرية شوقاً، وفي ذلك التحول لذةً، جرياً بدستور سنة الله، فان كانت لذلك الجامد حصة في الحياة العامة، فالشوق يعود اليه، والاّ فهو يعود الى الذي يمثل ذلك الجامد ويشرف عليه، بل يمكن أن يقال بناء على هذا السر: ان الماء اللطيف الرقراق ما ان يتسلم امراً بالانجماد، حتى يمتثل ذلك الامر بشدة وشوق الى حدّ انه يكسر الحديد ويحطمه. فاذن عندما تبلغ البرودةُ ودرجاتُ الانجماد أمراً ربانياً بالتوسع، الى الماء الموجود داخل كرة حديدٍ مقفلة، فان الماء يمتثل الامر بشدة وشوق بحيث يحطم كرة الحديد تلك، وينجمد.
وعلى هذا فقس جميع ما في الكون من سعي وحركة، ابتداءً من دوران الشموس في افلاكها وانتهاءً الى دوران الذرات – كالمولوي العاشق – ودوراتها واهتزازاتها.. فلا تجد أحداً الاّ ويجري على قانون القَدَر الإلهي، ويظهر الى الوجود بالامر التكويني الصادر من يد القدرة الإلهية والمتضمن العلم الإلهي وأمره وارادته.. حتى ان كل ذرة، وكل موجود، وكل ذي حياة، انما هو كالجندي في الجيش، له علاقات متباينة ووظائف مختلفة، وارتباطات متنوعة مع كل دائرة من دوائره. فالذرة الموجودة في عينيك – مثلاً – لها علاقة مع خلايا العين، ومع اعصاب العين في الوجه، ومع الشرايين والاوردة في الجسم، وعلى اساس هذه العلاقات والروابط تُعَينُ لها وظيفة، وعلى ضوئها تنتج فوائد ومصالح وهكذا..
فقس على هذا المنوال كل شيء في الوجود.
وعلى هذا الاساس فان كل شيء في الوجود يشهد على وجوب وجود القدير المطلق من جهتين:

لايوجد صوت