اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 217
(193-236)

المذكرة التاسعة
اعلم ان النبوة في البشرية فذلكة الخير وخلاصة الكمال واساسه. وأن الدين الحق فهرس السعادة. وأن الايمان حُسنٌ منزَّه وجمال مجرّد. وحيث ان حسناً ساطعاً، وفيضاً واسعاً سامياً، وحقاً ظاهراً، وكمالاً فائقاً مشاهَدٌ في هذا العالم، فبالبداهة يكون الحقُ والحقيقة في جانب النبوة، وفي يد الانبياء عليهم السلام، وتكون الضلالة والشر والخسارة في مخالفيهم.
فان شئت فانظر الى مثال واحد من بين الوف الامثلة على محاسن العبودية التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام وهو:
ان النبي y يوحد بالعبادة قلوبَ الموحدين في صلاة العيد والجمعة والجماعة، ويجمع ألسنتهم جميعاً على كلمة واحدة. حتى يقابل هذا الانسانُ عظمة الخطاب الصادر من المعبود الحق سبحانه بأصوات قلوبٍ وألسنةٍ لا تحد وبدعواتها، متعاوناً متسانداً، بحيث يظهر الجميع عبوديةً واسعةً جداً ازاء عظمة أُلوهية المعبود الحق فكأن كرة الارض برمتها هي التي تنطق ذلك الذكر، وتدعو ذلك الدعاء، وتصلي لله باقطارها وتمتثل بارجائها الامر النازل بالعزة والعظمة من فوق السموات السبع: ﴿وأقيموا الصلاة﴾(البقرة:43).
وبهذا الاتحاد صار الانسان وهو المخلوق الضعيف الصغير الذي هو كالذرة في هذه العوالم، عبداً محبوباً لدى السموات والارض من جهة وعظمة عبوديته له، واصبح خليفة الارض وسلطانها، وسيد الحيوانات ورئيسها، وغاية خلق الكائنات ونتيجتها. أرأيت لو اجتمعت في عالم الشهادة ايضاً – كما هو في عالم الغيب – اصوات المكبرين البالغين مئات الملايين من المؤمنين ب (الله اكبر) عقب الصلوات ولا سيما صلاة العيد، واتحدت جميعها في آن واحد أما كانت متساوية لصوت تكبيرة (الله اكبر) تطلقها كرةُ الارض ومتناسبةً مع ضخامتها والتي اصبحت كأنها إنسان ضخم، إذ باتحاد

لايوجد صوت