المهارة، وتلك الفنون العسكرية من كرّ وفرّ، وتلك الامور الدقيقة في استخراج السائل الحيوي الاّ بعد تجارب طويلة، ودروس عديدة، ومدة مديدة.
فقس على البعوضة النحل الملهمة والعنكبوت والبلبل الناسج لعشه نسجاً بديعاً، بل يمكنك قياس النباتات على الحيوانات ايضاً.
نعم ان الجواد المطلق جل جلاله قد سلم بيد كل فردٍ من الاحياء (بطاقة تذكرة) مكتوبةً بمداد اللذة وحبر الاحتياج، فاودع سبحانه فيها منهاج اوامره التكوينينة، وفهرس ما يقوم به الفردُ من وظائف.. فسبحانه من حكيم ذي جلال، كيف أدرج ما يخص النحل من دساتير الكتاب المبين في تلك (التذكرة) الصغيرة وسطرَها في رأس النحلة، وجعل مفتاحها لذةً خاصة بالنحلة الدائبة، لتفتح به تلك (التذكرة) المودعة في دماغها وتقرأ منهاج عملها فيها وتدرك وظيفتها، وتسعى وتجدّ وفقها، وتبرز حكمةً من الحكم المكنونة في الآية الكريمة:
﴿وأوحى ربك الى النحل﴾(النحل:68).
فيا مَن يقرأ او يسمع هذه المذكرة الثامنة! ان كنت قد فهمتها حقَّ الفهم فقد فهمت إذن سراً من اسرار:
﴿ورحمتي وسعت كلَ شيء﴾(الاعراف:156).
وأدركت حقيقةً من حقائق:
﴿وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبح بحمدِهِ ﴾(الاسراء:44).
وتوصلت الى دستور من دساتير:
﴿انما أمره اذا ارادَ شيئاً ان يقول له كُن فيكون﴾(يس:82).
وتعلمت مسألة لطيفة من مسائل:
﴿فسبحان الذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه تُرجعون ﴾(يس:83).