اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 218
(193-236)

تكبيرات اولئك الموحدين في آن واحد يكون هناك تكبيرةٌ عظيمة جداً كأن الارض تطلقها، بل كأن الارض تتزلزل زلزالها في صلاة العيد. اذ تكبر الله بتكبير العالم الاسلامي باقطارها واوتادها وتسبحه بتسبيحهم واذكارهم فتنوي من صميم قلب كعبتها المشرّفة التي هي قِبلتها، وتكبر بـ(الله اكبر) بلسان عَرَفة من فم مكة المكرمة. فتتموّج صدى (الله اكبر) متمثلةً في هواء كهوف أفواه جميع المؤمنين المنتشرين في العالم بمثل تموج ما لا يحد من الصدى في كلمة واحدة من (الله اكبر). بل تتموج تلك التكبيرات والاذكار في اقطار السموات وعوالم البرزخ. فالحمد لله الذي جعل هذه الارض ساجدةً عابدةً له وهيأها لتكون مسجداً لعباده ومهداً لمخلوقاته. فنحمده سبحانه ونسبحه ونكبره بعدد ذرات الارض ونرفع اليه حمداً بعدد موجوداته أن جعلنا من أمة محمد y الذي علمنا هذا النوع من العبادة.

المذكرة العاشرة

ايها السعيد الغافل المتخبط بسوء حاله! اعلم، ان الوصول الى نور معرفة الحق سبحانه، والى مشاهدة تجلياته في مرايا الآيات والشواهد والنظر اليه من مسامات البراهين والدلائل يقتضي الاّ تتجسّس بأصابع التنقيد على كل نورٍ جرى عليك، وورَد الى قلبك، وتظاهر الى عقلك، والاّ تنقده بيد التردد. فلا تمدّن يدك لأخذ نورٍ اضاء لك. بل تجرّد من اسباب الغفلة، وتعرّض لذلك النور، وتوجّه اليه، فاني قد شاهدت أن شواهد معرفة الله وبراهينها ثلاثة اقسام:
قسم منه: كالماء يُرى ويحسّ، ولكن لا يمسك بالاصابع. ففي هذا القسم عليك بالتجرّد عن الخيالات، والانغماس فيه بكليتك، فلا تتجسس باصبع التنقيد، فانه يسيل ويذهب، اذ لا يرضى ماءُ الحياة ذلك بالاصبع محلاً.

لايوجد صوت