الشريف: (أشدّ الناس بلاءً الانبياء ثم الاولياء، ثم الامثل فالامثل)(1) او كما قال. ويقف في مقدمة المبتلين النبي الصابر ايوب عليه السلام، ثم الانبياء الباقون عليهم السلام، ثم الاولياء ثم الصالحون. وقد تلقوا جميعاً تلك الامراض التي قاسوها عبادة خالصة وهدية رحمانية، فأدوا الشكر من خلال الصبر، وكانوا يرونها نوعاً من العمليات الجراحية تمنح لهم من لدن الرحمن الرحيم.
فانت ايها المريض المتأوه المتألم! إن كنت تروم الالتحاق بهذه القافلة النورانية، فأد الشكر في ثنايا الصبر، والاّ فان شكواك ستجعلهم يحجمون عن ضمك الى قافلتهم، وستهوي بنفسك في هوة الغافلين! وستسلك درباً تخيم عليه الظلمات.
نعم، هناك امراض اذا اعقبتها المنية، يكلل صاحبها شهادة معنوية تحرزه مقام الولاية لله، وهي تلك الامراض التي تتمخض عن الولادة(1) وغصص البطن، والغرق والحرق والطاعون، فهذه الامراض اذا مات بها صاحبها فانه سيرتفع الى درجة الشهيد المعنوي، فهناك امراض كثيرة ذات بركة تكسب صاحبها درجة الولاية بالموت الذي تنتهي به، ولما كان المرض يخفف من شدة حب الدنيا وغلوائها ومن عشقها والعلاقة الشديدة بها فهو يخفف كذلك الفراق الاليم والمرّلاهل الدنيا وهم يغادرونها بالموت بل قد يحببه اليهم.
الدواء السادس عشر
------------------
(1) هناك عدة احاديث بهذا المعنى كلها صحيحة نختار واحداً منها: عن أخت حذيفة رضي الله عنهما: ان رسول الله y قال: (اشد الناس بلاءً الانبياء ثم الصالحون، ثم الامثل فالامثل) رواه الطبراني في الكبير (انظر صحيح الجامع الصغير برقم 1005).
(1) ان كسب هذا المرض للشهادة المعنوية يمتد لغاية انتهاء فترة النفاس وهي اربعون يوماً.
- المؤلف.