اللمعات | اللمعة الخامسة والعشرون | 374
(355-383)

نتيجته اُخروية(1). والدعاء بذاته نوع من العبادة، اذ يلتجىء المريض الى الملاذ الإلهي عند ادراكه لعجزه.
ولهذا فان عدم القبول الظاهري لدعوتي بالشفاء من مرضي طوال ثلاثين سنة لم يصرفني ابداً من ان افكر في يوم من الايام بتركه والتخلي عنه، ذلك لان المرض أوان الدعاء ووقته، والشفاء ليس نتيجة الدعاء بل اذا وهب الله سبحانه – وهو الحكيم الرحيم – الشفاء فانه يهبه من فضله وكرمه، وان عدم قبول الدعاء بالشكل الذي نريده لا يقودنا الى القول بأن الدعاء لم يُستَجب، فالخالق الحكيم يعلم افضل منا ونحن نجهل، وانه سبحانه يسوق الينا ما هو خير لنا وانفع، وانه يدّخر لنا الادعية الخاصة بدنيانا احياناً لتنفعنا في أُخرانا، وهكذا يقبل الدعاء. ومهما يكن فان الدعاء الذي اكتسب الاخلاص والنابع من سرّ المرض والآتي من الضعف والعجز والتذلل والاحتياج، قريبٌ جداً من القبول. والمرض اساس لمثل هذا الدعاء الخالص ومداره. فالمريض والذين يقومون برعايته من المؤمنين ينبغي ان يستفيدوا من هذا الدعاء.

الدواء الثامن عشر
ايها المريض التارك للشكر والمستسلم للشكوى!
ان الشكوى تكون نابعة من وجود حق يعود اليك، وانت لم يذهب حَقكَ سدىً حتى تشكو، بل عليك حقوقٌ كثيرة لم تؤدّ بعدُ شكرها، انك لم تؤدّ حق الله عليك، وفوق ذلك تقوم بالشكوى بالباطل وكأنك على حق، فليس لك ان تشكو ناظراً الى مَن هو اعلى منك مرتبة من

----------------

(1) ان قسماً من الامراض مع أنه يشكل علة لوجود الدعاء، الا انه اذا اصبح الدعاء سبباً لعدم المرض، فكأن الدعاء يصبح سبباً لعدم نفسه وهذا لا يمكن. – المؤلف.

لايوجد صوت