بي ما حلّ)، ناطقاً بما يشيء بانتقاد للربوبية الإلهية. فهذه الحالة هي مرض معنوي ومصيبة اكبر من المرض المادي والمصيبة التي هو فيها، فهو يزيد مرضه بالشكوى كمن يتصارع ويده مرضوضة. لكن العاقل يتمثل قوله تعالى: ﴿الذينَ اذا أصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إنا للهِ وإنا إليهِ راجعون﴾(البقرة:156) فيسلم الامر لله صابراً حتى ينتهي ذلك المرض من اداء وظيفته ويمضي الى شأنه.
الدواء التاسع عشر
ان التعبير الصمداني باطلاق (الاسماء الحسنى) على جميع اسماء الله الجميل ذي الجلال يدل على ان تلك الاسماء جميلة كلها. وحيث ان الحياة هي اجمل مرآة صمدانية وألطفها واجمعها في الموجودات، وان مرآة الجميل جميلة ايضاً، وان المرآة التي تعكس محاسن الجميل تصبح جميلة ايضاً، وان كل شيء يصيب تلك المرآة من ذلك الجميل هو جميل كذلك، فكل ما يصيب الحياة جميل ايضاً من زاوية الحقيقة؛ ذلك لانه يُظهر النقوش الجميلة لتلك (الاسماء الحسنى) الجميلة.
فلو مضت الحياة بالصحة والعافية على نسق واحد، لاصبحت مرآة ناقصة، بل قد تُشعر – في جهة ما – بالعدم والعبث فتذيق العذاب والضيق، وتهبط قيمة الحياة، وتنقلب لذة العمر وهناؤه الى ألم وغصة، فيلقي الانسان بنفسه إما الى اوحال السفاهة او الى اوكار اللهو والعربدة ليقضي وقته سريعاً، مَثَله كمثل المسجون الذي يعادي عمره الثمين ويقتله بسرعة، بغية انهاء مدة السجن. ولكن الحياة التي تمضي بالتحولات والحركة وتقضي اطواراً شتى فانها تُشعر ان لها قيمة ووزناً وتنتج – هذه الحياة – للعمر اهمية وتُكسبه لذة، حتى ان الانسان لا يرغب في ان يمضي عمره، رغم ما يعانيه من اصناف المشاق والمصائب ولا يتأوه ولا يتحسر قائلاً: (أنى للشمس ان تغيب وأنى لليل أن ينجلي).