فسينقلب الى مرض حقيقي، فالوهم عند مرهف الحس، عصبي المزاج مرض وبيل جداً، حيث يستهوله ويجعل له الحبة قبة، فتنهار قواه المعنوية، وبخاصة اذا صادف أنصاف الاطباء ذوي القلوب الغلاظ الخالية من الرحمة، او الاطباء غير المنصفين، الذين يثيرون اوهامه ويحركونها اكثر من ذي قبل حتى تذهب امواله وتنضب ان كان غنياً، او يفقد عقله او يخسر صحته تماماً.
الدواء الحادي والعشرون
ايها الاخ المريض! حقاً ان في مرضك الماً مادياً، الا أن لذة معنوية مهمة تحيط بك، تمحو كل آثار ذلك الالم المادي؛ لان ألمك المادي لايفوق تلك الرأفة او الشفقة اللذيذة التي نسيتها منذ الصغر، والتي تتفجر الآن من جديد في اكباد والديك واقاربك نحوك، ان كان لك والدان واقارب. حيث ستستعيد تلك العواطف والنظرات الابوية الحنونة الحلوة التي كانت تتوجه اليك في الطفولة، وينكشف الحجاب عن احبائك من حواليك ليرعوك من جديد وينطلقوا اليك بمحبتهم ورأفتهم بجاذبية المرض التي أثارت تلك العواطف الداخلية، فما أرخص تلك الآلام المادية التي تعاني منها امام ما يؤديه لك من خدمات جليلة ممزوجة بالرحمة والرأفة بحكم مرضك اولئك الذين سعيتَ انت – بكل فخر – لخدمتهم ونيل رضاهم، فاصبحت بذلك سيداً وآمراً عليهم وفزت ايضاً بمرضك في كسب المزيد من الاحبة المعاونين والاخلاء المشفقين. فتضمهم اليك للرقة والرأفة الانسانية التي جُبل عليهما الانسان.
ثم انك قد اخذت بمرضك هذا اجازة من الوظائف الشاقة المهلكة، فأنت الآن في غنى عنها وفي راحة منها… فلا ينبغي ان يسوقك ألمك الجزئي الى الشكوى بل الى الشكر تجاه هذه اللذات المعنوية.