اللمعات | اللمعة الخامسة والعشرون | 378
(355-383)

العافية: تعالى الآن لتمكثي مكاني دائماً، وتراقبي اداء وظيفتك من جديد، فهذا مكانك تسلميه واسكنيه هنيئاً.

الدواء العشرون
ايها المريض الباحث عن دوائه! اعلم ان المرض قسمان: قسم حقيقي وقسم آخر وهمي.
اما القسم الحقيقي: فقد جعل الشافي الحكيم الجليل جلّ وعلا لكل داءٍ دواءً، وخزَنَه في صيدليته الكبرى التي هي الكرة الارضية، فتلك الادوية تستدعي الادواء، وقد خلق سبحانه لكل داء دواء، فاستعمال العلاج وتناوله لغرض التداوي مشروع اصلاً. ولكن يجب العلم بأن الشفاء وتأثير الدواء لا يكونان الا من الحق تبارك وتعالى، فمثلما انه سبحانه يهب الدواء فهو ايضاً يهب الشفاء. وعلى المسلم الالتزام بارشاد الاطباء الحاذقين المسلمين وتوصياتهم. وهذا الامتثال علاج مهم؛ لان اكثر الامراض تتولد من سوء الاستعمال، وعدم الحمية، واهمال الارشاد، والاسراف، والذنوب، والذنوب، والسفاهة، وعدم الحذر. فالطبيب المتدين لاشك انه ينصح ضمن الدائرة المشروعة ويقدم وصاياه، ويحذر من سوء الاستعمال والاسراف ويبث في نفس المريض التسلية والامل، والمريض بدوره اعتماداً على تلك الوصايا والسلوان يخفّ مرضه ويغمره الفرح بدلاَ من الضيق والضجر.
اما القسم الوهمي من المرض: فان علاجه المؤثر الناجع هو: (الاهمال) اذ يكبر الوهم بالاهتمام وينتفش، وان لم يُعبأ به يصغر وينزوي ويتلاشى. فكما اذا تعرض الانسان لوكر الزنابير فانها تتجمع وتهجم عليه، وان لم يهتم تتفرق عنه وتتشتت.
وكما ان الذي يلاحق باهتمام خيالاً في الظلمات من حبلٍ متدلٍ، سيكبر امامه ذلك الخيال حتى قد يوصله الى الفرار كالمعتوه، واذا لم يهتم فسينكشف له ان ذلك انما هو حبل وليس بثعبان.. ويبدأ بالسخرية من اضطراب ذهنه وتوهمه. فهذا المرض الوهمي كذلك اذا دام كثيراً

لايوجد صوت