اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 480
(465-515)

بقوله تعالى ﴿وَأَلَناَ لَهُ الْحَدِيدَ﴾(سبأ:10). اي انه يبين تليين الحديد معجزة عظيمة ونعمة عظيمة لنبي عظيم.
ثانياً: ان (الاعلى) و (الاسفل) تعبيران نسبيان، فيكون الاعلى والاسفل بالنسبة الى مركز الكرة الارضية. حتى ان الذي هو اسفل بالنسبة الينا هو الاعلى بالنسبة لقارة امريكا. بمعنى ان المواد الاتية من المركز الى سطح الارض تتغير اوضاعها بالنسبة الى من هم على سطح الارض.
فالقرآن المعجز البيان يقول بلسان الاعجاز: ان للحديد منافع كثيرة وفوائد واسعة، بحيث انه ليس مادة اعتيادية تخرج من مخزن الارض التي هي مسكن الانسان، وليس هو معدناً فطرياً يستعمل في الحاجات كيفما اتفق. بل هو نعمة عظيمة أنزلها خالق الكون بصفته المهيبة (رب السموات والارض) انزلها من خزينة الرحمة وهيأها في المصنع العظيم للكون، ليكون مداراً لحاجات سكنة الارض. فعبر عنه بالانزال قائلاً ﴿وأنزلنا الحديدَ﴾ لأجل بيان المنافع العامة التي ينطوي عليها الحديد وفوائده الشاملة، كما للحركة والحرارة والضياء الآتي من السماء فوائد. تلك التي ترسل من مصنع الكون. فالحديد لا يخرج من المخازن الضيقة لكرة الارض، بل هو في خزينة الرحمة التي هي في قصر الكون العظيم ثم ارسل الى الارض ووضع في مخزنها كيما يمكن استخراجه من ذلك المخزن حسب حاجة العصور تدريجياً.
فلا يريد القرآن الكريم ان يبين استخراج الحديد هذا تدريجياً من هذا المخزن الصغير، الارض. بل يريد ان يبين ان تلك النعمة العظمى قد انزلت من الخزينة الكبرى للكون مع كرة الارض، وذلك لاظهار الحديد انه هو اكثر ضرورة لخزينة الارض. بحيث ان الخالق الجليل عندما فصل الارض من الشمس انزل معها الحديد ليحقق اكثر حاجات البشر ويضمنها. فالقرآن الحكيم يقول باعجاز، ما معناه: انجزوا بهذا الحديد اعمالكم واسعوا للاستفادة منه باخراجه من باطن الارض.
وهذه الآية الجليلة تبين نوعين من النعم التي هي محور لدفع الاعداء وجلب المنافع. ولقد شوهد تحقق منافع الحديد المهمة للبشرية

لايوجد صوت