ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | رشحات | 41
(27-56)

بآياتها على نبوته؛ اذ كما ان في هذه المصنوعات المبثوثة في الكائنات آياتٍ لاتُحد، تشهد على وحدانية الذات الاحدية، كذلك فيها بيّنات لاتعد، تشهد على رسالة الذات الاحمدية عليه الصلاة والسلام:
منها كمال حسن الصنعة؛ اذ كمال حُسن الصنعة في هذه المصنوعات، يدل على الرسالة الاحمدية دلالة قطعية؛ لان جمال هذه المصنوعات المزينات يُظهر للناظر حُسنَ صنعةٍ وزينةٍ بالمشاهدة، وان حسن الصنعة وزينة الصورة يدلان بالبداهة على ان في صانعها ارادةَ تحسينٍ وطلبَ تزيينٍ في غاية القوة. وان ارادة التحسين وطلبَ التزيين يدلان بالضرورة على ان في صانعها محبةً علويةً لصنعته، ورغبةً قدسية لاظهار كمالاتِ صنعته. وان تلك المحبة والرغبة تدلان بالقطع على ان الانسان الذي هو اكمل المصنوعات وابدعها واجمل المخلوقات واجمعها، هو المظهرُ الجامعُ والمدارُ البارعُ لتلك المحبة والرغبة، وهو الذي تتمركزان فيه. وان الانسان لكونه اجمع وابدع المصنوعات فهو الثمرة الشعورية لشجرة الخلقة. أي هو لها كثمرةٍ ذات شعور. فلكونه كالثمرة، فهو ما بين اجزاء الكائنات جزء أجمع وأبعد من جميع الاجزاء. فلكونه اجمعَ وابعدَ وذا شعور، فله نظرٌ عام وشعور كلي. فلكون نظره عاماً يرى مجموع شجرة الخلقة، ولكون شعوره كلياً يعرف مقاصد الصانع، فهو المخاطَب الخاص للصانع. فلكون عموم النظر وكليةُ الشعور، سبباً لخصوصية الخطاب، فالفرد الذي يَصرِف كلَّ نظرهِ العام وعموم شعوره الكلي الى التعبد للصانع، والتحبب اليه، والمحبة له، ويوجّه تمام شعوره ودقة نظره الى استحسان صنعة الصانع وتقديرها وتشهيرها، ويستعمل جميع نظره وشعوره ومجموع قوته وهمّته الى شكر نعمةِ ذلك الصانع الذي يطلب الشكر في مقابلة إنعامه، والى دعوة الناس كافةً الى التعبد

لايوجد صوت