ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 104
(80-146)

نظرٌ من طرف الاصل والجرثوم، فهذا نظر سهل وبسيط مستقيم متين.
والثاني: من طرف الثمرات والفروعات، فهذا النظر بدون النظر الاول سقيم موصلٌ الى الضلالات.
كذلك ان شجرة الاسلامية جرثومها في السماء، اغصانها منتشرة في آفاق الكثرة، فلمعرفتها نظران؛ وللدخول في دائرتها طريقان:
فالنظر الاول:
هو النظر من جانب الاصل، فاذا نظر الموفَّق الى الجرثوم يرى فيها حوضاً عظيماً منبعهُ الصافي هو الوحي المحض، فتزايدَ الحوضُ بتحلّب الآيات الآفاقية والأنفسية، فمن ذلك الحوض الممتزج مادة حياة الثمرات وغذائها. فاثبات حياة ثمرة واحدة تكفي لاثبات سائر اخواتها، بل - وكذا - تدل على حياة شجرتها مع ان اثبات حياة الثمرة سهل سريع يحصل برؤية الاتصال فقط. وابطالها وزوالها عسير بطئ لايقتدر على ابطالها مع بقاء الاتصال، وعلى منبع سريان الحياة اليها مالايقتدر على قلع الاصل. ولو صادف هذا النظر بين الثمرات ميتة يابسة حَكَمَ بانها دخيلة ويحيل موتَها على الاسباب الخارجية. هذا النظر هو النظر الايماني والاسلامي والمستقيم السهل والمنقاد لطور النبوة.. اللهم ارزقنا وثبتنا عليه.
والنظر الثاني:
السقيم الذي هو منشأ الضلالات ومعدن الاضطرابات، هو النظر من جانب الثمرات بنظر تنقيدي.. وفي هذا النظر يحتاج في كل ثمرة الى الاثبات والذوق لفقد الاتصال هنا، مع ان اثبات ثمرةٍٍ فردةٍ وايصال مادة غذائها عسير يحتاج الى مايحتاج اليه تمامُ الاصل، مع ان زوالها وبطلانها سريع يحصل بادنى شئ. ولو صادف بينها ميتة يابسة احالها على موت الاصل.. اعاذنا الله من هذا النظر. لكن لو كان هذا النظر تابعاً للنظر الاول كان حسناً وسبباً لاطمئنان النفس..

سعيد النورسي

* * *

لايوجد صوت