ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 173
(157-192)

الحاصل: ان مايُرى من ايجاد القدرة للاشياء الحيوية والوجودية والنورية يدل على امور ثلاثة:
الاول: ان الوسائط والاسباب الظاهرية حُجُبٌ ضعيفة وضِعَت لمحافظة عزة القدرة في المباشرة الظاهرية في وجه المُلك الكثيف الخسيس فقط..
والثاني: ان الحياة والوجود والنور - لشفافية وجه مُلكها كملكوتيتها - ما وضعت الحُجُب الكثيفة على يد القدرة، بل ترقرقت الوسائط فيها..
والثالث: لاتكلّف ولاتَعمّل ولامعالجة في تأثير تلك القدرة؛ اذ من يصنع بنواة تينةٍ، شجرة تينة بعظمتها، وبخيط دقيق عنقوداً من حبات العنب، وكل حبة فيها ما فيها؛ لايتعسر عليه شئ.. ولاريب في الحقيقة ان ظهور صاحب تلك القدرة الازلية اشد بمراتب من ظهور الكائنات. اذ كل مصنوع دلالته على نفسه بوجوه قليلة مرئية، وعلى صانعه بوجوه كثيرة مشهودة وعقلية وغيرهما. واي مصنوع كان لو أحيل على الاسباب، واجتمعت عليه الاسباب الارضية والسماوية لم يَأتُوا بمِثلِهِ وَلَو كانَ بعضُهَمْ لبَعضٍ ظهيراً. اذ حبة نواة في حبة تينة ليست باقل جزالة من شجرة تينة، وليس الانسان اقل جزالة وادنى صنعة من الارض. فالقدرة التي اوجدت النواة والانسان لايتعسر عليها ابراز الشجر والعالم.
فيا من ضلّ بالاستبعاد والاستغراب والحيرة والاستنكاف في جانب الحق، فقد سمعت بهذه التحقيقات ان الاستبعاد بلا نهاية، والاستغراب بلا غاية، والحيرة بلا حد، وتحقق الكلفة بما لايحصى مع محالات عجيبة، فقد سمعتَها موجودة في جانب باطلك الذي ابتليت به من نسبة الاشياء بالاصالة الى انفسها واسبابها. فاضطرابات الارواح والعقول الناشئة من هذه الضلالة؛ تلجئ القلوب الى الفرار

لايوجد صوت