ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 175
(157-192)

اعلم! ان اعجاز القرآن، حَفظَ القرآن عن التحريف، فلا يتيسر لكلام مفسِّر او مؤلّفٍ او مترجم او محرّف وغيرهم، ان يلتبس بالآيات او يلبسَ زيّها كما التبست واختلطت سائر الكتب المنزلة حتى صارت محرفة..
اعلم! ان تكرار آية: ﴿فبأيّ الآءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ في مقاطع الآيات التنزيلية المشيرة الى الآيات التكوينية المتنوعة المختلفة في سورة (الرحمن) يدل على ان اكثر عصيان الجن والانس وأشدَّ طغيانهما وأعظم كفرانهما يتولد من: عدم رؤية الانعام في النعمة.. والغفلة عن المنعم.. وإسناد النعم الى الاسباب والتصادفات.. حتى يصيرا مكذّبين بالآء الله. فلابد للمؤمن من ان يبسمل بَدء كلّ نعمةٍ قاصداً بها أنها منه، أنا آخذها بأسمه وبحسابه، لابحساب الوسائط، فله الشكر والمنة.
اعلم! ايها المتوسوس المتخطر بالقاآت الشيطان، واخطار مرض القلب والخيال، وبامرار خسة النفس ولؤمها مزخرفاتٍ(1) شتّى على عين عقلك عند توجهك الى الحقائق الالهية، حتى قد تمر على عينيك سحائبُ مظلمة ممطرة رذائل وفواحش، وشتوماً تقشعر منها عند نظرك الى شمس الحقائق، كأنك تمدّ يد التنزيه والتقديس، وترسل عينك للتسبيح والتمجيد؛ والحال ان يدك تتنجس بارجاس خيالك، ويستقذر نظرك ممّا يمر عليه من سفاسف خبث نفسك، ثم تنعكس تلك المستقذرات على المقدسات في نظرك، فتتألم فتتأمل في المستقذرات. لاتيأس ولاتتأثر ولاتلقِ نفسك في الغفلة للفرار من هذه الحال، والنجاة من هذا اللوم الأليم؛ اذ لاضررَ الاّ ضررُ توهّمِ الضرر، فتتكرر فتتضرر.ألا ترى انك اذا نظرت الى الشمس وضيائها، والسماء ونجومها والجنة وازاهيرها في مسامات ثوب مستقذر بمزخرفات شتى، لايمكن ان تسري تلك اليها وتتكدر هي بها بل تنفعل انت منها.

----------------------

(1) مزخرفات: المقصود بها المستقذرات.

لايوجد صوت