ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 177
(157-192)

فرأيت ملك القصر يلعب مع الكلب قدّام الباب، والمخَدّرات(2) يداعبن مكشوفات رؤوسهن مع الصبيان وقد تعطلت الوظائف النزيهة في الطبقات، وتشعشعت وظائف الكلب والصبيان وسَفَلة الخدام، فتفتق القصر عن مكنوناته متفسقاً، مشرقاً مقتدراً قوياً ظاهر الباب، مظلماً معطلاً ذليلاً في الداخل. وفسوقه كفتوق فلقتي الرمان مثلا عن حباته. فعلمت ان تلك القصور هي الاناسي، حتى رأيت كل انسان قصراً، حتى رأيت نفسي العاصية ايضاً قصراً.. وسقوط اهل القصور على مراتب مختلفة نزولاً ادنى فأدنى. فشاهدت ان مايزعم اهل المدنية: ترقيا ما هو الاّ سقوط، واقتداراً ما هو الا ابتذال، وانتباهاً ما هو الاّ انغماس في نوم الغفلة، و(نزاكة)(1) ماهي الاّ رياء نفاقي، و(ذكاوة)(2) ماهي الاّ دسيسة شيطانية، وانسانية ماهي الاّ قلب الانسانية حيوانيةً. لكن يلوح على هذا الشخص الساقط العاصي لوائح اللطافة والجاذبية لاختلاط لطائفه النورانية بنفسه الظلمانية؛ خلافاً للمتدين المطيع الذي عند الباب نفسهُ المتكدرة فقط. الاّ انه قد يتنازل لطائف الصالح ايضاً، لا للهوسات السفلية، بل لإرشاد الناس الخارجين من الحدود وامدادهم بارجاعهم الى ماهم خلقوا لأجله، ان الله سبحانه، اذا احب عبداً لايحبب اليه محاسن الدنيا بل يُكرهها اليه بالمصائب.
ايواه! واأسفا!. قد اظهرت هذه المدنية السفيهة خوارق جلابة وملاهي جذابة، يتساقط اليها سكان قصور الانسان ومخدراتها، كتساقط الفراش على النور المشرق المنقلب الى النار المحرقة..
اعلم! ايها السعيد الشقي! ماهذا الغرور والغفلة والاستغناء؟ ألا ترى ان ليس لك من الاختيار الاّ شعرة، وليس من الاقتدار الاّ ذرة، وليس من هذه الحياة الاّ شعلة تنطفئ، وليس من العمر الاّ قليل مثل دقيقة تنقضي، وليس من الشعور الاّ لمعة تزول، وليس من الزمان الا

----------------------

(2) أي النساء.
(1) اللطف والرأفة.
(2) الذكاء والفطنة.

لايوجد صوت