ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 176
(157-192)

فلا تهتم بها لتذهب؛ اذ هذه الوهميات والهوائيات كالهوام والزنابير؛ إن دافعتَهم قاتلوك، وإن تركتهم فارقوك..
اعلم! ايها المتفلسف المرجِّح للعقل على النقل، فتؤِّل النقل بل تحرِّف؛ اذ لم يسعه عقلُك المتفسخ بالغرور والتغلغل في الفلسفيات! انني كنتُ في حينٍ كما كنتَ، ثم شاهدتُ قصراً شاهقاً شارقاً اتصل سطحهُ بسقف السماء، قد أرسلت متدلية من شبابيكها العالية زنابيل(1) متفاوتة، حبالها في المبدأ والمنتهى. فبعضها قريب من الارض فيقذف الانسان الموفّق نفسه في ذلك الزنبيل فيرتفع الى اعلى المنازل، وبعضها اخفض مبدأ وارفع منتهى. وهكذا.. ثم رايت بعض الناس الخاسرين المغرورين لايبالون بتلك الزنابيل، فيتشبثون للصعود بجمع الاحجار والاشياء ويضعونها تحت ارجلهم، فيتصاعدون قليلاً ثم يتساقطون، وأنّى لهم الصعود!.. وشاهدت بعض المعتمدين على انفسهم المتفرعنة، يدقون مسامير في جدار القصر فيضعون ارجلهم عليها متصاعدين فيخرّون فتندق اعناقهم وهكذا.. ورأيت ان ما جُهزوا به من مكاسبهم والآتهم انما اعطوها ليستعملوها على قدر الاستعداد والتوفيق في الصعود الى الزنبيل، لا الى المنازل. فعقلكَ عقالُكَ، وبالنقل نقلتُك. مَن توكّل على الله فهو حسبه..
اعلم! يا من تحير في سبب غلبة الفجار على الابرار، وتفوّق الطالحين على الصالحين في الحياة الدنيوية. اني قد شاهدت في واقعةٍ قصوراً، في كل قصر سرادقات متداخلة متصاعدة، سكان طبقاتها متفاوتون في اللطافة والعلوية والنورانية، فمن في المركز العالي كالسلطان، وتحته منازل فيها سكان متفاوتون في القيمة والنورانية، وهكذا الى الباب. ومن عند الباب خادم مظلم كثيف، وقدام الباب كلب متملق. ثم رأيت بعض القصور تلألأت ساحة بابه، فتأملت فيها

------------------------

(1) ان ايضاح هذه المسألة قد ذكر في بيان الطرق الثلاثة في آخر (الفاتحة)في رسالة (أنا) [الكلمة الثلاثون] وفي [اللوامع] في سياحة خيالية ختام (الكلمات). والزنابيل المتدلية اشارة الى الحقائق القرآنية التي هي الصراط المستقيم.. (المؤلف).

لايوجد صوت