ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 170
(157-192)

ومنها فرض كل ذرة حاكماً على الكل، ومحكوماً للكل ولكلٍ، كالاحجار في البناء المعقد لو انتفى الباني، لزِمَ ان يكون كل حجر كالباني عالماً مهندساً بانياً؛ اذ النظام والانتظام والاتقان والحِكمُ هكذا تقتضي، لامحل للتصادف فيها..
ومنها فرض الشعور المحيط والعلم التام والبصر المطلق في كل ذرة وسبب؛ اذ الموازنة والتناظر والتساند والتعاون يقتضي شعوراً محيطاً وبصراً مطلقاً وهكذا، من الصفات المحيطة. فلو اسندت الاشياء الى انفسها لزم تصوّر هذه الصفات في انفسها، ولو اسندت الى الاسباب لزم تصور هذه الصفات في اسبابها، بل في كل ذرة من ذراتها.. وهكذا من المحالات المتسلسلة والممتنعات العقلية والاباطيل التي تمجها الاوهام.
واما اذا اسندت الى صاحبها الحقيقي وهو صاحب مرتبة الوجوب والوحدة، لايلزم الاّ أن تصير الذرات ومركباتها - كقطرات المطر الحاملة لتماثيل الشمس بالانعكاس - مظاهر لتجليات لمعات القدرة النورانية المطلقة المحيطة الازلية الغير المتناهية، المستندة بل المتضمنة للعلم والارادة الازليين الغير المتناهيين. وهي القدرة التي شهدت عليها معجزات المخلوقات، التي لمعتها الفذة اجلّ من شمس الامكان والكثرة بسر التجزء والتوزيع والانقسام في جانب الامكان والكثرة، دون جانب الوجود والوحدة. وان ذرةَ تلك القدرة اعظم من جبال الاسباب، بسر ان جزء تجلي النوراني مالكٌ لخاصية الكل، كأن الكلّ كليٌّ، ولو في جانب الامكان، حتى ترى الشمس بتمامها في ذرة زجاجية. فكيف نور الانوار المتظاهر من جانب الواجب الوجود الواحد الاحد؟!

لايوجد صوت