ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 168
(157-192)

مثلاً: يَستحسن بعض الغافلين الخطبة بالتركية لتفهيم السياسة الحاضرة لعامة المسلمين، فهذا الغافل المسكين لايعلم ان السياسة الحاضرة بكثرة الكذب والحيلة والشيطنة فيها صارت كأنها وسوسة الشياطين، فلا حقّ لهذه الوسوسة السياسية ان ترتقي الى مقام تبليغ الوحي. وكذا لايَفهم هذا الجاهل، ان اكثر الامة انما يحتاجون لإخطار الضروريات وتذكير المسلّمات والتشويق على امتثال الحقائق المتعارفة بين المؤمنين، من اركان الايمان والاسلام ومراتب الاخلاص والاحسان. فبكثرة التسامع يتساوى العوام والعلماء في التذكر والتخطر بسماع القرآن. اذ العجمي يفهم المآل اجمالاً وإن لم يعرف المعنى. وكذا لايعقل ذلك الغافل ان عربية الخطبة وَسْمٌ سماوي مسدّد ومُزيَّن في سماء وحدة الاسلام، وبالتغيير يصير وَشماً مشتِتاً مشيناً..(1)
اعلم! يامن احاط به الغفلة واظلمت عليه الطبيعة حتى صار (أعمى وأصم) يعبد الاسباب في ظلمات الطبيعة الموهومة!. اني اترجم لك لساناً واحداً من خمسة وخمسين ألسنة يتكلم بها كلُّ واحدٍ من مركبات الكائنات وذراتها شاهدات على وجوب وجوده تعالى ووحدته في الوهيته وربوبيته جل جلاله(2).. وهو ان اضطرابات الارواح والعقول الناشئة من ضلالاتها الناشئة من استنكاراتها الناشئة من الاستبعاد والاستغراب والحيرة في اسناد الاشياء الى انفسها، والى الاسباب الامكانية تلجئ الارواحَ والعقول للفرار الى الواجب الوجود الواحد الأحد الذي بقدرته يحصل ايضاح كل مشكل، وبارادته يحصل فتح كل مغلق، وبذكره تطمئن القلوب.
فان شئت تحقيقه فانظر الى هذه الموازنة وهي: ان الموجودات إما فاعلها جانبُ الامكان والكثرة وإما جانبُ الوجوب والوحدة. فما

---------------------

(1) أما الامر السادس فمذكور ضمناً هنا، وهو موضح في الكلمة السابعة والعشرين (الاجتهاد).
(2) قد ذكرت تلك الالسنة اجمالاً في (قطرة) وما هنا ايضاح لسانٍ واحدٍ فقط. المؤلف

لايوجد صوت