ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حباب | 166
(157-192)

مدنية القرآن والمدنية الحاضرة في [اللوامع](3) و[السانحات](4) فراجعهما لترى فيهما أمراً عظيماً، تغافل عنه الناس..
اعلم! يامن يطلب الاجتهاد في مسائل الدين في هذا الزمان! ان باب الاجتهاد مفتوح، لكن لايجوز لكم الدخول فيه لستة امور:
فاولاً: لان عند هبوب العاصفات في الشتاء يُسَدّ المنافذ الضيقة، فكيف تُفتح الابواب؟ وعند احاطة سيل المنكرات والبدعيات وتهاجم المخرّبات لايُشق الجدار بفتح منافذ..
وثانياً: ان الضروريات الدينية التي لامجال للاجتهاد فيها، والتي هي في حكم الغذاء والقوت للمسلمين قد اُهملت وتزلزلت، فلابد صرفَ كل الهمّة لأقامتها وامتثالها واحيائها، ثم بعد اللتيا والتي(1) تُمَسّ الحاجة الى الاجتهاد في النظريات التي توسعت باجتهادات السلف، بحيث لايضيق عن حاجات كل الزمان..
وثالثاً: ان لكل زمان متاعاً مرغوباً، يشتهر في سوقه تُجلب اليه الرغبات وتُوجَّه وتنجذب الافكار اليه، كالسياسة وتأمين الحياة الدنيوية الآن.. وكاستنباط مرضيات خالق العالم من كلامه، وتأمين السعادة الأبدية في زمان السلف. فلأجل توجُّه الاذهان والقلوب والارواح في الجمهور الى معرفة مرضيات ربّ السموات والارض في ذلك الزمان، صار كل مَن له استعداد جيد يتدرّس قلبهُ وفطرتهُ من حيث لايشعر من كل مايجري في ذلك الزمان من الاحوال والوقوعات والمحاورات، كأن كلَّ شئ معلّمٌ يلقن فطرته استعداداً إحضارياً للاجتهاد، حتى يكاد زيت ذهنه يضئ ولو لم تمسسه نارُ كسب. فاذا توجه الى الاجتهاد صار له نورٌ على نور. واما الآن فلتشتت الافكار والقلوب، وانقسام العناية والهمة، وتحكّم السياسة

--------------------------

(3) اللوامع - مجلس في عالم المثال - ص 854 من المجلد الاول من "الكلمات".
(4) في المجلد الثامن "صيقل الاسلام" .
(1) اللتيا والتي: هي الداهية الكبيرة والصغيرة (مجمع الامثال للميداني).

لايوجد صوت