يُتوهم بقصور النظر من الكلفة والاستبعاد، والاستغراب في اسناد كل شئ الى الواجب الوجود، تصير محققة عند الاسناد الى الكثرة، لقصور اي سبب كان، وضعفه عن تحمل اي مسبَّب كان، في جانب الكثرة دون الوحدة. فما يُتوهمُ هناك، متحقق هنا. ثم بعد هذا تتضاعف الكلفة والاستبعاد والاستغراب عدد اجزاء الكائنات مع انها في الاسناد الاول كانت واحدة موهومة وصارت هنا حقيقة متضاعفة عدد اجزاء الكائنات؛ اذ في الاسناد اليه تعالى نسبةُ كثيرٍ غير محدود الى واحدٍ مباين الماهية لها، وفي جانب الكثرة نسبةُ واحدٍ الى كثير غير محدود متماثلة الماهية؛ اذ النحلة مثلاً، لو لم تُسند الى الواجب الواحد، لزِمَ اشتراك السموات والارض في ايجادها لعلاقتها باركان العالم. مع ان صدور الكثير عن الواحد اسهلُ بمراتب من صدور الواحد عن الكثيرين المتشاكسين الصُم العمي الذين لايزيد اختلاطُهم الاّ اعميتَهم واصميتهم. ثم مع ذلك ان الكلفة لو كانت في الاسناد الاول مثل ذرة، تترقى في الاسناد الثاني الى امثال الجبال؛ اذ الواحد بالفعل الواحد يحصل وضعية ونتيجة للكثير، لايتيسر للكثير لو احيلت عليهم ان يحصلوا تلك الوضعية، او يصلوا الى تلك النتيجة الاّ بافعال كثيرة وتكلفات عظيمة؛ كالامير مع نفراته، والفوارة مع قطراتها، والمركز مع نقاط دائرته. ثم مع ذلك ان الاستبعاد والاستغراب الموهومَين في الاسناد الاول، ينقلبان في الاسناد الثاني الى محالات متسلسلة.
من بعض المحالات: فرض صفات الواجب في كل ذرة؛ اذ كمال الصنعة ونقوشها واتقانها تقتضي علماً محيطاً، وبصراً مطلقاً، وقدرة تامةً وارادةً شاملةً..
ومنها فرض شركاء غير متناهية في الالوهية والوجوب اللذين لايقبلان الشركة اصلاً؛ إذ لو لم تُسند الاشياء الى الواحد الواجب، للزم ان يكون لكل واحدٍ وفي ضمنه واحد من الآلهة..