اعلم! ان الذرة تسع الشمس بتجليها فيها بالمشاهدة ولا تسع تلك الذرة ذرتين بالذات بالبداهة، فذراتُ الكائنات ومركباتها - كقطرات المطر ورشاشاتها المتشمسة المتلألئة بتماثيل الشمس - قابلةٌ لأن تصير مظاهر للمعات تجليات القدرة النورانية الازلية المطلقة المحيطة المستندة؛ بل المتضمنة للعلم والارادة الازليين الغير المتناهيين.. ولايمكن ان تكون ذرة حجيرة عينك منبعاً ومعدناً لقدرة وشعور وارادة تتحمل وظائفها العشرة من خَدَمتها في الاعصاب المحركة والحساسة والاوردة والشرايين والابصار والتصوير وغيرها مما يتيه فيه الفكر.
فهذه الصنعة المتقنة العجيبة، والنقش المزين المنتظم، والحكمة العميقة الدقيقة، تقتضي قطعاً:
إما ان يكون كل ذرة وكل مركب في الكائنات معدناً ومنبعاً ومصدراً لصفات محيطة مطلقة كاملة..
وإما ان يكون مظهراً ومعكساً ومَجلَىً للمعاتِ تجليات شمس الازل الذي له هذه الصفات.
والشِق الاول فيه محالات بعدد ذرات الكائنات ومركباتها. فمن جاز عنده ان يحمل على جناحىَ نحلة جبلى (سُبحانْ وآرارات) (2) وان ينبع من عيني بعوضة (النيل والفرات) ، فليذهب الى الشق الاول؛ فتشهد كلُّ ذرةٍ بِعَجزها عن تحمل مالا طاقة لها به، انه: لاموجد ولا خالق ولا رب ولا مالك ولا قيوم ولا إله الاّ الله. وكل ذرات الكائنات ومركباتها بألسنتها المختلفة ودلالاتها المتنوعة تتكلم بـ:
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل الى ذاك الجمال يشير
--------------------
(2) جبلان يقعان شرقي تركيا.