ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حبـة | 221
(207-231)

ينظر الى قُرب الله بالرحمة واللطف الى العبد ومخلوقاته. فكما ان الشمس قريبةٌ منك تُوصل حرارتها وضياءها اليك وتتصرف فيك باذن خالقها، الذى صيّرها مرآة لجلوة اسمه) النور) وظرفاً لنعمه التى هى الحرارة والضياء مع انك بعيد عنها لايصل يدك اليها، وانت بالنسبة اليها قابل فقط لافاعل ولامؤثر.. كذلك ﴿ولله المثل الاعلى﴾ ان الله جلّ جلاله قريبٌ منا فنحمده، ونحن بعيدون عنه فنسبّحه. فاحمده وانت تنظر الى قربه برحمته. وسبّحه وانت تنظر الى بُعدك بإمكانك. ولاتخلط بين المقامين، ولاتمزج بين النظرين، لئلا يتشوش عليك الحق والاستقامة. لكن يمكن لك - بشرط عدم الالتباس والمزج - ان تنظر الى القرب في جهة البُعد.. والى وجه البُعد في جهة القرب.. والى الوجهين معا فتقول: (سبحان الله وبحمده) ..
اعلم! ياطالب الدنيا! لابد ان تتركها(1) لامور أربعة:
اولاً: فلأنها سريعة الزوال، وألم الزوال مذلّ ومزيل للذة الوصال.
واما ثانياً: فلأن لذائذها منغّصة بآلام مقارنة وأكدار متعاقبة.
واما ثالثاً: فان ما ينتظرك وانت تذهب اليه بسرعة بلا انحراف من القبر الذي هو باب الى الآخرة، لايقبل منك مزينات الدنيا هدية، اذ تنقلب هناك قبائح.
واما رابعاً: فوازن بين سكونك ساعة في موقع بين الاعداء والمؤذيات والحشرات المضرة، وبين السكون في سنين كثيرة في موقع آخر قد اجتمع فيه كل احبابك وكل عظمائك. ومالك الملك ايضاً يدعوك الى ترك لذة تلك الساعة ليريحك في تلك السنين مع اودّائك. فأجب داعي الله قبل ان تُساق اليه بالسلاسل.
--------------------

(1) وتركها يعنى: انها ملك الله، يُنظر اليها بإذنه وبإسمه (الكلمات ص 227).

لايوجد صوت