ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحبة | 236
(232-245)

اعلم! انه جئ بك من العدمِ الى الوجود، ثم رقّاك موجِدُك من ادنى اطوارِ الوجود حتى اوصَلكَ بإنعامه الى صورة الانسان المسلم. فما تخلل بينك بين مبدأ حركتك من المنازل الكثيرة المتعددة كلٌ منها نعمةٌ عليك، وفيك ثمرةٌ وصبغةٌ من كلِّ واحدٍ. فصرتَ كقلادةٍ منظّمة، وعنقودٍ نضيدٍ بحبات النِعَم، وسنبلةٍ منضدة من الرأس الى القدم، كأنك فهرستة لطبقات نِعَمه تعالى؛ ولان الوجودَ يقتضي علّةً، والعدم لايقتضي.. كما تقرر في العقول.. تُسأل ويُسألُ عنك في كل منزل في مراتب الوجود من الذرة الى العدم: كيف وصلت الى هذه النعمة؟ وبِمَ استحقيتها وبـ(هل شكرت؟) ولايَسأل من له مسكةُ عقلٍ عن حَجَر لماذا ماصار شجراً، وعن شجرةٍ لماذا ماصارت انساناً...
فيا أيها السعيد المسكين المغرور! انت نقطةٌ في وسط سلسلةِ الموجودات، فعليك نِعَمٌ بعددِ ماتحتَك الى العدم الصرف، وانت مسؤولٌ عن شُكرها. واما مافوقك فليس لك ولالأحدٍ أن يسأل لماذا ماوصلت الى أعلى مما انت فيه، كما لاحقَّ للذرة ان تقول:(اي واه) لِمَ ماصرتُ شمساً، ولا للنحلةِ ان تقول لصانعها: هلا خلقتَني نخلةً مثمرة؟.. اذ ماتحتك وقوعاتٌ، ومافَوقك عدمات إمكانات شبيهة الممتنعات..
اعلم! يا انا! ان مما اهلككَ واهواكَ وأوهمك واهزاك وأذلك واضلك؛ أنك لاتعطي كل ذي حقٍ مقدارَ حقّه، وكل ذي حِمل حملَهُ بوسعه، بل تَفرُطُ وتُفرِّطُ فتحمِّل على نفرٍ ممثلٍ للجيش كلِّ لوازمات الجيش العَرَمْرم، وتتحرى في تمثال الشمس في عين القطرة او وجه الزهرةكلّ لوازمات عظمة شجرة الشمس المثمرة بالسيارات. نعم، القطرة والزهرة تصفان ولاتتصفان..
اعلم! ان المُلكَ له، وامانته، واشتراه، لافائدة في (المرق). لاخير فيما لايبقى. وإياك ونقض العهد معه. وعليك بالموت، والموت المنجر الى الحياة اولى من هذه الحياة المنقلبة الى الموت.

لايوجد صوت