اعلم! انه كما انه محال ان لايكون لهذا المُلك المُعتنى به مالك، كذلك محالٌ ان لايتعرف ذلك المالك الى الانسان الذي يدرك درجات محاسن الملك الدالة على كمالات المالك، مع ان ذلك الانسان كالخليفة في مهده الممهّد له يتصرف فيه كيف يشاء؛ بل في السقف المحفوظ السماوي ايضاً بعقله. ومع ذلك ان الانسان اشرفُ المخلوقات بشهادة تصرفاته العجيبة الخارقة مع صغره وضعفه، وانه اوسعُ الاسباب اختياراً بالبداهة. فبالضرورة يرسل المالك من يعرّف المالك الى مماليكه الغافلين عنه ويخبرهم مايرضى به ويطلبه منهم ذلك المالك جل جلاله..
اعلم! ان كل الحواس حتى الوهم والفرض والخيال يتفقون في النهاية على الحق ويلتجؤن اليه، ولايبقى عندهم للباطل امكان. فيقرون بان الكائنات لايمكن أن تكون الاّ على ما اخبَربه القرآن.. هكذا شاهدتُ وعقلي معي.
اعلم! انه كما لاتزاحم ولاتصادم بين عالم الضياء وعالم الحرارة وعالم الهواء وعالم الكهرباء (والالكتريقية) وعالم الجاذبة الى عالم الأثير والمثال والبرزخ. تجتمع الكلُّ بلا اختلاط معك في مكانك بلا تشكّ من أحدٍ منكم، من مزاحمةِ أخيه.. فهكذا يمكن ان يجتمع كثيرٌ من انواع العوالم الغيبية الواسعة في عالم أرضنا الضيقة. وكما لايعوقنا الهواء من السير ولايمنعنا الماءُ من الذهاب ولايمنع الزجاجُ مرورَ الضياء ولايعوقُ الكثيف ايضاً نفوذَ شعاع (رونتكن) ونورِ العقل وروح المَلَك، ولايمنع الحديدُ سيلانَ الحرارة وجريان (الالكتريق) ولايعوق شئ سريانَ الجاذبة وجولان الروح وخدّامه وسيران نور العقل وآلاته.. كذلك هذا العالمُ الكثيف لايمنع ولايعوق الروحانيات من الدوران، والجن من الجولان، والشيطان من الجريان، والمَلَك من السيران..
اعلم! ان النور والنوراني كالعين والسراج والشمس، يتساوى لها الجزئي والنوع والجزء والكل والواحد والاُلوف. فانظر الى الشمس