ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحبة | 240
(232-245)

اعلم! ان الثمرات المترتبة على وجود الحي لاتنظر الى الحي وبقائه ونفعه وكماله فقط، بل اليه بحصةٍ ودرجة، والى المحيي جل جلاله بدرجات غير محصورة.. فحصةُ الحي قد لاتحصل الا بزمان مديد، لكن ما ينظُرُ الى المحيي قد يحصل في آنٍ سيال، كاظهار الحي - بمعكسيته ومظهريته لتجليات الاسماء الحسنى - حمدَ خالقهِ بتوصيفه بأوصافِ كماله وجماله وجلاله بلسان الحال..
اعلم! ان فرد الانسان كنوع سائر الانواع، بسر:
ان فرد الانسان له ماض ومستقبل يجتمع في الشخص معنىً كلُّ مَن مات منه من افراد نفسه؛ اذ في كل سنةٍ يموت منه فردان صورةً ويورثان فيه معنَييْهما من الآلام والآثام والآمال وغيرها، فكأنه فردٌ كلي.. واحاطةُ فكره وعقله ووُسعة قلبه وغيرها تعطيه نوعَ كليةٍ.. وكون فرده كنوعه في الخلافة والمركزية لعالمٍ خاص كالعالم العام.. والعلاقة الشعورية مع اجزاء العالم وتصرفه في كثير من انواع النباتي والحيواني والمعدني تحويلا وتغييراً خلافاً لسائر الحيوانات وغيرها، ايضاً تعطي له نوع كليةٍ، كأنَّ كلَّ فردٍ نوعٌ منحصر في الشخص.. ودعاء المؤمن لعموم اهل السموات والارض يشير الى ان الشخص يصير بالايمان كعالَم، او مركزه. فما تجري في نوع الحيوان من القيامات المكررة النوعية المشهودة في كل سنة - فان شئت فَانظُر الى آثارِ رحمة الله في كل سنة في الثمرات المتجددة الامثال كأنها اعيانها، والى حشر انواع الهوام والحشرات بكمال سهولة من القيامة - تجري بالحدس القطعي في كل فرد من افراد الانسان، فيدل كتاب العالَم في هذه الآيات التكوينية على قيام القيامة الكبرى لابناء البشر، كما يدل القرآن عليه بالآيات التنزيلية.. فالدلائل العقلية على القيامة ذكرتُها في (اشارات الاعجاز) (1) وفي الباب الثالث في (نقطة) (2) فراجعهما ان شئت، فان فيهما مايطرد عنك الوساوس ويطيّر عنك الاوهام..
------------------------

(1) في تفسير قوله تعالى: ﴿وبالآخرة هم يوقنون﴾ و ﴿وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات... ﴾.

لايوجد صوت