ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 267
(255-282)

بتهليل وسرور تسمى (تولدات) و (ترخيصات) بتكبير وحبور تسمى (وفيات). فالقرآن الحكيم أهدى للبشر هديةً لو اهتدوا بها لسلكوا بها في مثل هذا الطريق.. ﴿لاخوفٌ عَليهم ولاَهُم يحزنونَ﴾(يونس:62).
فيا أوروبا تزعم ان كل ذي حياة من اصغر السمك الى اكبر المَلَك مالك لنفسه ويعمل لذاته وانما يسعى للذته، له حق حياة وغايةُ همته حفظ البقاء. وما ترى فيما بينها من (التعاون) المأمور به من جانب خالقها: كامداد النباتات للحيوانات والحيوانات للانسان، تظنه (جدالاً).. حتى حكمتَ بان (الحياة جدال)(2). فيا سبحان الله كيف يكون امداد ذرات الطعام بكمال الشوق لتغذية حجيرات البدن جدالاً وخصاماً؟ بل انما الامداد تعاون بامر رب كريم. والدليل على ان ذا الحياة ليس مالكاً لنفسه، هو:
ان اشرف الاسباب واوسعها (اختياراً) الانسانُ. والحال انه ليس في يد اختياره ودائرة اقتداره من اظهر افعاله الاختيارية - كالاكل والكلام والتفكر - من المائة الاّ جزء واحد منهم. فاذا كان الاشرف الواسع الاختيار هكذا مغلول الايدي عن التملك والتصرف الحقيقي، فكيف بسائر البهيمات والجمادات؟
وما ورّطك في هذا الخطأ الاّ دهاؤك الاعور؛ اذ نسيَ ربّه الذي هو خالق كل شئٍ، واستند بالطبيعة الموهومة واسند الآثار الى الاسباب، وقسم مال الله على الطواغيت. فعنده يضطر الانسان وكل ذي حياة ان يصارع مع ما لايعد من الاعداء لتحصيل ما لايحد من الحاجات، باقتدارٍ كذرة، واختيار كشعرة، وشعور كلمعة تزول، وحياة كشعلة تنطفئ، وعمر كدقيقة تنقضي؛ مع أنه لايكفي كل ما في يده لواحد من مطالبه. فاذا اُصيب بمصيبة لايستمد الا من اسباب صمّ وعمي: ﴿ومَا دُعاءُ الكافرينَ الاّ في ضَلالٍ﴾(الرعد:14) فقَلب دهاؤك المظلم نهارَ البشر ليلاً متنوراً بانوار كاذبة مستهزية. وصَيّر كل ذي حياة في

------------------

(2) اي: ان الحياة صراع دائم والبقاء فيها للأقوى!

لايوجد صوت