ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 265
(255-282)

وعجزك وحكمة النعمة والانعام القصدي في النعمة، والى عدم تناهي تجلي القدرة والعلم والارادة، والى غايات وجودك ونتائجه العائدة الى مالكه وصاحبه الحقيقي الذي له الاسماء الحسنى. وكذا يغالطك الموسوس مستمداً من انانيتك ومستنداً بفرعونية النفس باراءة صغار الحيوانات وخساس الحشرات، ويضعها نصب عينك ويقول لك: ما الفائدة في خلقتها السريعة الزوال؟ فيلقنك العبثية - بعد تلقين ان غاية الحياة هي الحياة، وان قيمة الحياة بالبقاء - ليسقِطَ في عينك اهمية الرحمة والنعمة واتقان الصنعة فيما تشاهد هذه الثلاثة فيه، ليُنسيكَ الصانع بالتعطيل. فقابل انت باراءة السموات بنجومها والارض بحيواناتها. هذا اذا نظرت اليها وانت انت.. واما اذا نظرت الى ماهو اصغر منك، فانظر ايتها الحجيرة الكبرى الى غرائب حياة حجيرات جسدك ووظائف الكريوات الحمراء والبيضاء في دمك الدائر مادمتَ في هذه الدار، والى رقائق لطائفك الطائفة بقلبك.
اعلم! يا ايها الاوروبا!.(1) انك اخذت بيمينك الفلسفة المضلة السقيمة، وبيسارك المدنية المضرة السفيهة، تدعي ان سعادة البشر بهما. شلّت يداك وبئست هديتاك.
ألا يا ناشر الكفر والكفران! هل يمكن لمن اصيب في قلبه وعقله ووجدانه وروحه بمصائب هائلة، السعادة بكونه في ذروة الرفاه والزينة بجسمه؟ ألا ترى ان من انكسر خياله او خاب من امل وهمي او انقطع رجاؤه من امر جزئي كيف يَمر(2) له الحلو ويعذّبه العَذبُ اللذيذ وتضيق عليه الدنيا؟ فكيف بمن اُصيب بشؤمك في اعماق قلبه وروحه باليُتم الروحي والضلالة التي فيها انقطاع كل الآمال وانشقاق

----------------------

(1) ان اوروبا اثنان: احدهما: نافع للبشر باستفادته من الدين العيسوي والمدنية الاسلامية. اظهر باحسان الله ما يستريح به البشر في هذه الحياة.. واوروبا الثاني: خالف الاديان السماوية واستند بالفسلفة الطبيعية المادية وغلبت سيئات المدنية حسناتها، وصار سبباً لمشقة اكثر البشر وشقاوتهم. فاني اخاطب هذا القسم الثاني - المؤلف. والمذكرة الخامسة توضح المسألة اكثر.
(2) من المرارة التي هي ضد الحلو.

لايوجد صوت