والتطورات البرزخية والانفلاقات الاُخروية. الا ترى ان فيك شيئاً لايرضى ألا بالابد والابدي، ولا يتوجه الا اليه، ولا يتنزل لما دونه؟ وذلك الشئ سلطانُ لطائفك، فأطِعْ سلطانك المطيع لأمر فاطره الحكيم جلّ جلاله.
......... (1)
اعلم!(2) يا ايها السعيد الغافل! تنظر الى اطرافك الآفاقية فتراها ثابتة مستمرة في الجملة وبالنوع، فتظن نفسك ايضاً ثابتة دائمة حتى لاتتدهش الاّ من القيامة، كأنك تدوم الى ان تقوم هي. كلا!.. انك ودنياك في معرض الزوال والفناء في كل آن. فمثلك في هذا الغَلط كمثل مَن في يده مرآة متقابلةٌ لمنزل او بلد او حديقة ارتسمتْ هي فيها، ففي ادنى حركة للمرآة وتغيرها يحصل الهرج والمرج في تلك الثلاثة التي اطمأننت بها. واما بقاؤها في انفسها فلا يفيدك، اذ ليس لك منها الا ماتعطيك مرآتُك بمقياسها وميزانها. فتأمل في مرآتك وامكان موتها وخراب ما فيها في كل دقيقة. فلا تحمل عليها ما لاطاقة لها به..
اعلم!(3) ان من سنة الفاطر الحكيم - في الاكثر - ومن عادته، اعادةُ ما لهُ اهميةٌ وقيمةٌ غاليةٌ بعينهِ لابمثله في الادوار والفصول المتكررة بتجدد الامثال في اكثر الاشياء. فانظر الى الحشر العصري والسنوي واليومي، تَرَ هذه القاعدة مطّردة. وقد اتفقت الفنونُ وشهدت العلومُ على ان الانسان اكملُ ثمرات شجرة الخلقة، وله اهمية عظيمة وقيمة غالية، وفردُه كنوعِ غيره. فبالحدس القطعي يُعادُ كلُّ فردٍ من البشر في الحشر والنشر بعينه وجسمه واسمهِ ورسمهِ..
----------------
(1) في (ط1): اعلم! اني رأيتني في المنام وأنا أقول للناس: يا أيها الانسان! ان من دساتير القرآن: ان لا تحسبن شيئا مما سواه سبحانه أعظم منك بحيث تتعبد له.. وان لا تحسبن انك أعظم من شئ من الاشياء بحيث تتكبر عليه. اذ يتساوى ما سواه في البعد عن المعبودية وفي نسبة المخلوقية.
(2) تراجع المذكرة الثالثة.
(3) تراجع المذكرة الرابعة