ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 268
(255-282)

نظر تلاميذه كالرجل المسكين المبتلى بهجوم الظلمة كما رأينا في الطريق الاولى.. ويرى في الدنيا مأتماً عمومياً، ويرى الاصوات نعيات الموت ونياحات اليتامى.
وصير تلميذه الخاص: (فرعونا) لكن يعبد اخس الاشياء. ويرى كل سبب نافع أنه ربَّه.. (متمرداً) لكن يتمسكن بنهاية الذلة للذَّته. ويقبّل رِجلَ الشيطان لمنفعة خسيسة.. و (جباراً) لكن لعدم نقطة الاستناد عاجزٌ في ذاته بغاية العجز.
وان غاية همة تلميذك: بطنهَ وفرجه او منفعة قومه، لا لقومه بل لاجل منفعة نفسه او تطمين رقة الجنسية(1)، او تسكين حرصه وغروره. ولايحب الاّ نفسه، ويفدي لها كل شئ..
واما خالص تلميذ القرآن فـ (عبد) لكن لا يتنزل للعبودية لأعظم المخلوقات ولا لأعظم المنفعة ولو كانت جنة.. و (ليّن هيّن) لكن لايتذلّل لغير فاطره الاّ باذنه..
و (فقير) لكن يستغنى بما ادخر له مالكه الكريم.. و (ضعيف) لكن يستند بقوة سيده الذي لانهاية لقدرته. ولايرضى تلميذهُ الحقيقي حتى بالجنة الابدية مقصداً وغايةً، فضلاً عن هذه الدنيا الزائلة. فانظر الى درجة تفاوت همة التلميذين.
وكذا، مايرى اعظم الاشياء كالعرش والشمس الا مخلوقاً عاجزاً مسخّراً مأموراً، ويرى في روحه علاقة شديدة مع كل الصالحين من اهل السموات والارض، فيدعو لهم من صميم قلبه، كما يدعو المرء لأهل بيته..
فانظر التفاوت بين مروءة التلميذين؛ ذاك يفر من اخيه لنفسه، وهذا يرى كل العباد اخوانه. والقرآن يعطي ليد تلاميذه بدل هذا التسبيح العادى(1) اعداد ذرات الكائنات فيسبّحوا الله، وفي ايديهم بدل

--------------------

(1) تطمين ما يشعر به من رقةٍ نحو بني جنسه.
(1) المراد: المسبحة.

لايوجد صوت