ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 271
(255-282)

على اجماعهم بسر تساند الاثبات، ونظر الاثبات الى نفس الامر، ونظر النفي الى نفس النافي وعنده. مثلا: لو طبق الغيم في وجه السماء فرفعنا رؤسنا، فما رأى الشمس من جميع اهل المملكة الا حزب قليل. فهل يقبل منك ان تقول: ان النافين متواترون، والرائون اقلّ قليل فاتباع الاكثر أولى؟ كلا.. اذ لمن لم ير ان يقول: لا شمس عندي، وفي رؤيتي،دون لا شمسَ في نفس الامر وفي وجه السماء. وهكذا فلتعدد المدعى بهذا الاعتبار بين النافين لا يقوى حكم بعض ببعض. فاجماعُهم في قيمة الفرد كالاجتماع لحل مسألة، او المرور في ثقبة ضيقة. خلافاً للمثبتين الناظرين الى نفس الامر لاتحاد المدعى وتعاون القوى، كالتساند على رفع صخرة عظيمة.
اعلم!(1) يامن يشوّق المسلمين على الدنيا ويدعوهم الى صنائعها وترقياتها ويضربهم بعصا التشويق، تمهّل وتأمل في رقة بعض حبالهم المربوطين بها بالدين، واحذر ان ينقطع قسمٌ من حبالهم فيصيرون ضرراً محضاً في الحياة الاجتماعية، بسر: ان المرتد لاحقّ له في الحياة لانفساده بالكلية، خلافاً للكافر، فالشريعة تعطي له حق حياة، وان الفاسق خائن ومردودُ الشهادة، لانفساد وجدانه خلافاً للذمي في مذهب الحنفية. فاعتبر! ولا تغتَر بكثرة الفساق؛ فان الفاسق لايرضى بالفسق، وما طَلبه بالذات بل وقع فيه.. وما من فاسق الاّ ويتمنى ان يكون متقياً وان يكون آمرهُ متديناً صالحاً، الا ان ارتدّ، العياذ بالله! اتظن ان المسلمين لايحبون الدنيا ويحتاجون لان يُنبَّهوا ولاينسَوا نصيبهم من الدنيا؟ كلا! بل اشتد الحرصُ.. والحرص في المؤمن سببُ الخيبة؛ اذ الدعاة الى الدنيا في كل شخص بكثرة؛ كنفسه واحتياجه وحواسه وهواه وشيطانه، وامثالكم من رفقاء السوء، وحلاوة العاجلة وغيرها، مع ان الداعي الى الآخرة الباقية بقلّة. فمن الحَمية والهمة امداد القليل. ام تحسب ان فقرنا من زهدنا؟ كلا.. الا ترى المجوس والبراهمة وسائر مَن تسلط عليهم الأوروبائيون افقرَ

-------------------

(1) تراجع المذكرة السابعة.

لايوجد صوت