ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 272
(255-282)

منا؟ ام انت اعمى لاترى ان ما زاد على القوت الضروري لا يبقى في يد المسلمين في الاكثر، بل يغتصبه او يختلسه الكفار بدسائسهم؟ وان اردتَ من تمدنِهم، تسهيل ادارتهم وحصول الامن في المملكة؛ فقد اخطأت الطريق. لان ادارة مائةٍ من الفاسقين الذين فسدت اخلاقهم وتزلزل اعتقادهم اصعب من ادارة الوف من المتدينين. فاهل الاسلام لايحتاجون الى التشويق على الحرص على الدنيا، بل يحتاجون الى تنظيم مساعيهم، والتعاون، والامنية بينهم(1)، وما هي الاّ بالتقوى..
اعلم!(2) ان الحق سبحانه بكمال كرمه ادمج قسماً من مكافاة الخدمة في نفس الخدمة، وادرج اجرة العمل في نفس العمل. حتى ان الموجودات ولو الجمادات تمتثل اوامره التكوينية بكمال الشوق والتلذذ، وبالامتثال تصير معاكسَ تجليات اسماء نور الانوار. كالحباب الحقير المظلم الذي يتوجه بقلبه الصافي الى الشمس، فيتنور مبتسماً في وجهك، بجعل قلبه سرير الشمس. وكيف لاتلتذ الذراتُ ومركباتها - بفرض شعورٍ فيها - بمظهريتها لتجليات اسماء ذي الجلال والجمال والكمال المطلق مع ارتقائها بالامتثال، مثل الحباب من نهاية الخمود والظلمة الى نهاية الظهور والنور!
انظر الىحواسك واعضائك وخدَمتها التي تخدم لبقاء الشخص او النوع كيف تتلذذ بنفس خدمتها حتى يكون التَركُ عذاباً لها.
ثم انظر الى الحيوانات كيف تلتذ بوظائفها، ألا ترى الديك مثلا: كيف يوُثر الدجاجات على نفسه في دعوتها الى اكل مارآه من الغذاء ولا يأكل هو؟ ويرى من طوره انه يفعل هذا بالشوق والتلذذ والافتخار. وهكذا الدجاجة الراعيةُ لأفراخها وهي صغيرة، التاركةُ لها اذا كَبُرت كسائر الوالدات النباتية والامهات الحيوانية غير الانسان!.. فيظهر من هذه الحال انها لاتعمل بحساب نفسها ولا

-----------------

(1) اشاعة الثقة، فيأمن بعضهم بعضا.
(2) تراجع المذكرة الثامنة.

لايوجد صوت