ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 275
(255-282)

اسرار: ﴿انما امرُهُ اذا اَرادَ شَيئاً أنْ يقولَ لهُ كُنْ فَيكونُ  فَسُبحَانَ الذَّي بيده مَلَكوتُ كُلِّ شَئٍ واليهِ تُرجَعونَ﴾(يس:82-83).
اعلم! يامن يدعو المسلمين الى الدنيا، اخطأت!.. اتحسب ايها الغافل ان المطلوب بالذات من الانسان عمارةَ الدنيا، واختراع الصنايع، وتحصيل الرزق وغير ذلك مما يعود الى الدنيا؟ والحال ان صاحب الملك الذي أمرهُ بين الكاف والنون يقول بقول يصدقّه الوجود والكون والواقع وتجهيزات الفطرة الانسانية: ﴿وَما خَلقتُ الجنَّ والانسَ إلاّ لِيَعْبـُدونَ﴾(الذاريات:56) ﴿وَكأيّن مِن دآبَةٍ لاتَحمِلُ رِزقها الله يَرْزُقُهَا وإيَاكُم﴾(العنكبوت:60) ام تزعم ان مَن صنعك ويصنعك دائماً بتجديدِ وجودكَ في كل زمان يحتاجُ لما تصنعُ في نظام ملكه والى توسيطك في تصرفاته؟.. اترى كل مصنوعات البشر تساوي خلقة نخلة او نحلة او صنعة عين او لسان؟
اعلم! يا ايها الغافل! ان من ابعد المحالات ان لايعلم مَن خلقك ما يتوارد عليك وانت تتقلب فيه من الاحوال الاجتماعية والاطوار الدنيوية. فكن من شئت اعتقاداً وفكراً ولو معطِلاً وماديوناً(1)، فبالضرورة والمشاهدة ترى في النطفة والبيضة والحبة والنواة فعالية وخلاقية وصنعة وتصرفاً. أيمكن في عقلك ان يكون المتصرف في النواة - هذا التصرف البصير الحكيم الناظر الى مناسبات تلك النواة لعالم نوعها ولمن يستفيد منها - غير عالمٍ بعالم الاشجار واحوالها وارتباطها بسائر العوالم؟ وان لايرى ولايشاهد (فالق الحبة ومُسَنبلها) مَن يزرعها ولِمَ يزرعها وما يحصل منها وما يحصد منها وجهة ارتباطها بعالم الحيوانات ومحيطها وما يجري فيه؟ ان يُحتمل عندك ان يكون مَن يصوّر البيضة - فرخاً مجهزاً بالآلات اللائقة بعالم الطير - غير بصيرٍ باحوال عالم الطيور واطوار جيران الطيور من

-----------------

(1) اي: ولو منكرا لوجود الله وممن يحصرون الوجود فيما يرونه من مادة فقط.

لايوجد صوت