ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 369
(332-392)

فتُظهر بمرآة عبوديتك جمال ربوبيته.

بسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحِيْم
﴿انَّ الاَبْرارَ لَفي نَعيمٍ  وَاِنَّ الْفُجَّارَ لَفي جَحيمٍ﴾
اعلم!(1) ايها السعيد الغافل!. ان لكل احدٍ في سفر حياته طريقين الى القبر، والطريقان متساويان في القصر والطول.
لكن احدهما؛ مع انه لا ضرر فيه، فيه منفعة عظيمة بشهادات اهل الشهود المتواترين واجماعهم. يصل الى تلك المنفعة العظيمة من عشرة سالكيه تسعةٌ.
والآخر؛ فمع انه لا نفع فيه بالاتفاق، فيه ضرر عظيم باجماع اهل الخبرة والشهود. فاحتمال الضرر من العشرة تسعة، الا ان من يسلك في هذا لا يحمل سلاحاً ولا زاداً فيخف في الظاهر ويخلص من ثقل مَنّ، لكن يحمل على ظهر قلبه مائة مَنٍ مِن المنة ويثقل على عاتق روحه احمال الاهوال والمخاوف. ولان التمثيل يريك المعقول محسوساً، نمثل لهذه الحقيقة مثالاً:
مثلاً : تريد ان تذهب الى استانبول، أو تُرسَل اليه، ومن مكانك اليه طريقان؛ يميناً وشمالاً متساويان قصراً وطولاً، متخالفان نفعاً وضراً خفةً وكلفةً. ففي جانب اليمين نفع عظيم باجماع اهل الشهود والاختصاص بلا ضررٍ وبالاتفاق.. وحمل سلاح ومِزوَد زاد بمقدار مَنّ، مع خلاص الروح والقلب من ثقلة حمل المنّة والخشية اللتين هما في ثقلة الجبال.. وفي اليسار ضرر بشهادات ملايين من اهل الخبرة والشهود وبلا نفع باتفاق الموافقين والمخالفين، مع خفة الظاهر في

---------------

(1) الدرس الرابع من (المدخل الى النور) وفي الكلمة الثالثة توضيح واف.

لايوجد صوت