ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 377
(332-392)

تعدّى عداوتك من المسئ بصفةٍ الى اقاربه والى سائر صفاته.. وتجاوز بمحبتك من المحسن الى انسابه مع الصفح عن عيوبه(1).
اعلم!(2) ايها السعيد الغافل الفضولي!. انك تترك وظيفتك، وتشتغل بوظيفة ربك. فمن ظلمك وجهلك؛ تركك لوظيفة العبودية الخفيفة التي هي في وسعتك.. وحملك على ظهرك ورأسك وقلبك الضعيف، وظيفة الربوبية التى تختص بمن ﴿خَلَقَكَ فَسَوّيكَ فَعَدَلَكَ  في اَيّ صُورَةٍ مَاشَاءَ رَكّبَكَ﴾ (الانفطار:7-8) فالتزم وظيفتك، وفوّض اليه وظيفته لتسعد وتستريح.. وإلاّ صرت عاصياً شقياً وخائناً غوياً. مثلك(1) كمثل نفر عسكر له وظيفة اصلية هي التعليم المخصوص، والحرب والجهاد، والسلطان مُعينُه في هذه الوظيفة باحضار لوازماتها، ولسلطانه وظيفة مخصوصة هي اعطاء ارزاق ذلك النفر وتعييناته ولباسه حتى دوائه.. لكن قد يستخدم النفر في وسائل هذه الوظيفة، لكن بحساب الدولة.
ومن هذا السر اذا قلت لنفر يطبخ طعامه: ماتفعل؟ يقول: افعل سخرةً (وعنقرةً)(2) للدولة، ولا يقول اعمل لرزقي.. لعلمه انه ليس من وظيفته، بل على الدولة حتى ان تدخل اللقمة في فمه، ان لم يقتدر بالمرض مثلا. فالنفر المشتغل بالتجارة لتدارك رزقه جاهلٌ شقيّ يُزيَّف(3) ويؤدّب.. والتارك للتعليم والجهاد خائن عصيّ يُضرَب ويُعنَّف.

-------------------

(1) هذه المعاني مفصّلة في رسالة (الاخوة) .
(2) الكلمة الخامسة والدرس السابع من (المدخل الى النور) .
(1) هذا المثال موضح في (الكلمة الثانية).
(2) كلمة مستعملة بالتركية اصلها يوناني ، وهي تعني العمل مجاناً من دون رغبة ولا اجرة.
(3) بمعنى : يهان ويحقر.

لايوجد صوت