ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 379
(332-392)

فكما ان الغروب وقتُ صلاة المغرب، والخسوف والكسوف وقتُ صلاة الكسوفين لا غايةٌ لهما، وانقطاعَ المطر وقتُ صلاة الاستسقاء، لا ان الصلاة وضعت لنزول المطر، بل هي عبادة لوجه الله تدوم مادام لم ينزل، واذا نزل المطر انقضى وقتها..
وكذا، تسلط الظالمين ونزول البلايا اوقاتٌ لأدعية مخصوصة تدوم مادامت هي، فان رُفعت بها فنورٌ على نور. وان لم تُرفع لا يقال لم يقبل الدعاء، بل لم ينقض وقت الدعاء.
واما وعد الاجابة في ﴿اُدْعُوني اَسْتَجِب لَكُمْ﴾ فالاجابة غير قبول الدعاء بعينها. بل الجواب دائمي، واسعاف الحاجة تابع لحكمة المجيب.
مثلا: تقول لطبيبك: ياحكيم! فيقول: لبيك مجيبا.. فتقول: اعطني هذا الطعام او الدواء. فقد يعطيك عين ما طلبت او احسن منه، وقد يمنعك بضرورة في مرضك. ومن اسباب عدم قبول الدعاء ظن كون الدعاء لهذه المقاصد الدنيوية. مثلا : يُظن صلاة الاستسقاء موضوعة للمطر فلا تكون خالصة فلا تُقبل.
اعلم ! ان بالانقلاب ينفرج وادٍ معنويّ بين الطرفين، فلابد من جسر ممدود فيه مناسبة بين العالمين ليمرَّ عليه بالتعريّ والتلبس من هذا العالم الى ذلك العالم. لكن الجسر له اشكال متخالفة، وماهيات متباينة واسماء متنوعة باعتبار اجناس الانقلابات وبُعد مقام المنقلب اليه عن نوع المنقلب. فالنوم جسر بين عالم اليقظة والمثال. والبرزخ جسر بين الدنيا والآخرة. والمثال جسر بين العالم الجسماني والروحاني. والربيع جسر بين الشتاء والصيف. واما في الحشر فليس فيه واحد، بل تندمج فيه انقلابات كثيرة عظيمة فجسرها اعجب واعوج واغرب!.

لايوجد صوت