ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 382
(332-392)

تضمن كفرانا. وتحديث النعمة انما يكون شكراً معنوياً وممدوحاً اذا نظر الى الوجه الثاني، والا تضمن تمدحا وغروراً..
يا يوسف الكشرى(3). اذا تلبست بلباس فاخر غال لاخيك يوسف الكيشي، فقال لك سعيد: ما احسنك! فقل: الحسن للّباس، لا لي، فتصير متواضعاً في التحديث..
اعلم! ان عرق الرقابة والغبطة والحسد انما يتحرك عند اخذ الاجرة وتوزيع المكافأة وملاحظتها. واما عند الخدمة وفي وقت العمل فلا، بل الاضعفُ يحب الاقوى، والادنى يميل الى الاعلى، ويستحسن تفوقه عليه، ويحب زيادته في الخدمة عليه؛ لانه يتخفف عنه ثقلُ الخدمة وكلفةُ العمل. فاذ كانت الدنيا دار خدمة وعمل فقط للأمور الدينية والاعمال الاخروية، لابد ان لا يتداخل فيها الرقابة والحسد، واذا تداخلت فيها الرقابة يظهر عدم الاخلاص، وان العامل في تلك الاعمال يلاحظ مكافاةً دنيوية ايضا، وهو تقدير الناس واستحسانهم. ولا يعرف المسكين انه بهذه الملاحظة ابطل عمله - بدرجة - بعدم الاخلاص بتشريك الناس برب الناس في اعطاء الثواب، واضعف قوته بتنفير الناس عن معاونته.
اعلم! ان معنى الكرامة مباينٌ لمعنى الاستدراج، اذ الكرامة كالمعجزة فعلُ الله.. ويتفطن صاحبُها انها منه سبحانه، وليس من نفسه، ويطمئن بانه حام له رقيبٌ عليه يختار له الخير. فيزداد يقيناً وتوكلاً. فقد يشعر بتفاصيل الكرامات باذن الله، وقد لا يشعر وهذا أولى وأسلم. كأن انطقه الله بما في قلب احدٍ، اومثّله له يقظةً لهدايته، وهو لا يعلم ما يفعل الله به لعباده.
واما الاستدراج فينكشف له صورة الاشياء الغائبة وهو في غفلة، او يعمل افعالاً غريبة، وهو مستند بنفسه واقتداره فيزدادُ بعداً وانانية

---------------------

(3) الحوار مع بعض طلاب الاستاذ النورسى القدامى.

لايوجد صوت