وغروراً. فيقول: ﴿انَّماَ اوتُيتهُ عَلَى عِلْمٍ﴾(القصص:78) وانكشف لي بصفاء نفسي وضياء قلبي.
فلا التباس بين اهل الاستدراج واهل الولاية في الطبقة الوسطى.
واما مظهر الفناء الأتمَ من اهل الطبقة العليا المنكشف لهم باذن الله الاشياء الغيبية، فيرونها بحواسهم التي هي لله(1) فالفرق اظهر؛ اذ نورانية باطنهم المترشحة الى الظاهر ارفع من ان تلتبس بظلمات من يرائي ويدعو الى انانيته.
﴿وإن مِنْ شَيْء الاَ يُسَبح بِحَمْدِهِ﴾ (الاسراء:44)
اعلم!(2) ان التسبيح والعبادة على وجوه غير محدودة في كل شئ، ولا يلزم شعور كل شئ بكل وجوه تسبيحاته وعباداته دائماً. اذ لا يستلزم الحصول الحضور؛(1) مثل ذلك كمثل اجير جاهل يعمل في سفينة لمالكها الذي استأجره ليجس باصبعه على بعض مسامير (الالكتريكية) في بعض الاوقات، ولا يعرف الاجير ما يترتب على عمله من الغايات الغالية. وانما يعرف ما يعود الى نفسه من الاجرة ولذة المكافاة. حتى قد يتوهم ان وضع هذا العمل ليس الا لهذه اللذة.. كمثل الحيوان الذي لايعرف من غايات الازدواج الا لذة قضاء الشهوة، ولا يضر جهله هذا - ولا يمنع - من حصول النسل الذي هو غاية من الغايات المطلوبة لمالكه. كمثل النمل ينظف وجه الارض من جنائز الحُوينات، مع أنه لا يعرف الا تطمين حرصه.. او كمثل العنكبوت الذي يزين وجه الفضاء، ورؤس النباتات والاحجار بخيوط حريره المتلمعة بالضياء للمسابقة مع الهوام في سير الهواء ولا
--------------------
(1) كما جاء في الحديث الشريف (... فاذا احببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها..) رواه البخاري.
(2) الكلمة الرابعة والعشرون - الغصن الرابع توضيح واف لهذه المسألة.
(1) اي لا يستلزم حصول التسبيح جمعَ النفس وبلوغها تمام اليقظة عند التسبيح.