فيا سعيد الشقي! انت ذلك النفر، وصلاتك هي تعليماتك. وتقواك - بترك الكبائر ومجاهدتك مع النفس والشيطان - هي حربُك. فهذه هي غاية فطرتك لكن الله هو الموفق المعين. واما رزقك وادامة حياتك وما يتعلق بك من الاموال والاولاد، فهي من وظيفة فاطرك، لكنه قد يستخدمك في وسائل قرع ابواب خزائن رحمته بالسؤال الفعلي او الحالى او القالى، وقد يستعملك في الذهاب في المسالك التى توصلك الى مطابخ نعمته، فتطلب بلسان الاستعداد او الاحتياج او الفعل او الحال او القال ماعَيّن وَقَدّرلك. . فما اجهلك في اتهامك - في حق رزقك - من رزقك اطيب الرزق، وانت طفل صغير بلا اختيار ولا اقتدار ويرزق كل دآبة لا تحمل رزقها وَهُو السميع العليم القدير الغني الذي جعل الارض في الصيف مطبخةً لضيوفه يفيض فيوضه في ظروف الرياض، ويملأ أواني الاشجار بلذيذات الاطعمة.. فاعمل بحسابه وباسمه وباذنه فيما استعملك فيه بعد ايفاء وظيفتك الاصلية.. فاذا تعارضا فعليك بوظيفتك فتوكل عليه، وقُلْ: حَسْبِيَ الله ونِعْمَ الوَكيلُ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصير.
بِسمِ الله الرحمن الرحيم
﴿وَاِذا سَاَلَكَ عِبادي عَني فَانّي قَريبٌ اُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذا دَعَانِ﴾(البقرة:186)
وكذا ﴿اُدْعُوني اَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾(غافر:60)
وكذا ﴿قلْ مَا يَعْبَؤا بِكُمْ رَبّي لَوْلا دُعاؤكُم﴾(الفرقان:77)
اعلم!(1) يامن يدّعي انه يدعو ولا يجاب! ان الدعاء عبادة. وثمرة العبادة في الآخرة. واما المقاصد الدنيوية فاوقات تلك الادعية التي هي عبادات مخصوصة.
------------------------
(1) الدرس الثامن من (المدخل الى النور) وموضح في الكلمة الثالثة والعشرين.