ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نقطة | 445
(432-450)

العقل مباشرة يد القدرة بالامور الخسيسة بنظره الظاهر، اذ ان لكل شئ جهتين:
احداهما: جهة الملك: وهي كالوجه الملون المطلي للمرآة، ترده الاضداد، وتصبح حقيرة، عظيمة، قبيحة، شريرة.. الخ. فالاسباب في هذا الوجه موجودة لأجل اظهار العظمة والعزة.
والجهة الثانية: جهة الملكوت: وهي كالوجه الشفاف للمرآة. هذه الجهة جميلة في كل شئ، اذ لا تأثير للاسباب فيها، فالوحدانية تقتضي هذا. وحيث ان كلاً من الحياة والروح والنور والوجود قد خرج من يد القدرة الالهية دون وساطة فالوجهان شفافان جميلان، اي: جميل ملكاً وملكوتاً.
 البرهان الرابع: هو وجدان الانسان المسمى بالفطرة الشاعرة.
اولاها: ان الفطرة لا تكذب، ففي البذرة ميلان للنمو، اذا قال: سأنبت، سأثمر، فهو صادق. وفي البيضة ميلان للحياة، اذا قال: سأكون فرخاً، فيكون باذن الله، وهو صادق. واذا قال ميلان التجمد في غَرفة من ماء: سأحتل مكاناً أوسع، فلا يستطيع الحديد - رغم صلابته - ان يكذّبه، بل صدقُ قوله يفتت الحديد. فهذه الميول انما هي تجليات الاوامر التكوينية الصادرة من الارادة الالهية.
النكتة الثانية: لا تقتصر حواس الانسان الظاهرة والباطنة على الحواس الخمسة المعروفة؛ حاسة السمع والذوق والبصر.. الخ، وانما له نوافذ كثيرة مطلة الى عالم الغيب، فله حواس كثيرة غير معلومة. فحاسة السَوق وحاسة الشوق لديه حواس لا تكذب ولا تزل.
النكتة الثالثة: لا يمكن ان يكون شئ موهوم مبدءاً لحقيقة خارجية. فنقطة الاستناد والاستمداد حقيقتان ضروريتان مغروزتان في الفطرة والوجدان، حيث أن الانسان مكرم وهو صفوة المخلوقات، فلولاهما لتردى الانسان الى اسفل سافلين، بينما الحكمة والنظام والكمال في الكائنات يردّ هذا الاحتمال.

لايوجد صوت