ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نقطة | 443
(432-450)

ولبلوغ عرش هذا الاصل هناك اربع وسائل: الالهام، التعليم، التزكية، التدبر.
هذا وان للقرآن الكريم في معرفة الله سبحانه، واثبات وحدانيته طريقين:
الاول: دليل العناية والغاية.
ان جميع الآيات الكريمة التي تعدّ منافع الاشياء، وتذكر حِكَمها، هي نسّاجة لهذا الدليل، ومظاهر لتجلي هذا البرهان.
وزبدة هذا الدليل هي: اتقان الصنع في النظام الاكمل في الكائنات، وما فيها من رعاية المصالح والحكم، اذ النظام المندمج في الكائنات، وما فيه من رعاية المصالح والحكم، يدل على قصد الخالق الحكيم وحكمته المعجزة، وينفي نفياً قاطعاً وهم المصادفة والاتفاق الاعمى. لأن الاتقان لا يكون دون اختيار. فكل علم من العلوم الكونية شاهد صدق على النظام، ويشير الى المصالح والثمرات المتدلية كالعناقيد في اغصان الموجودات، ويلوح في الوقت نفسه الى الحكم والفوائد المستترة في ثنايا انقلاب الاحوال وتغيّر الاطوار.
فان شئت فانظر الى علم الحيوان والنبات. فقد ثبت فيهما ان الانواع التي يزيد عددها على مئتي الف نوع، كل له اصل معين، وجدّ اكبر - مثلما الانسان له اصل وهو آدم عليه السلام - وكل فرد من هذه الانواع الوفيرة كأنه ماكنة بديعة عجيبة تبهر الافهام. فلا يمكن ان تكون القوانين الموهومة الاعتبارية والاسباب الطبيعية العمياء الجاهلة، موجدة لهذه السلاسل العجيبة من الافراد والانواع. اي ان كل فرد، وكل نوع، يعلن بذاته أنه صادر مباشرةً من يد القدرة الالهية الحكيمة.
ويذكّرنا القرآن الكريم بهذا الدليل، في قوله تعالى:
﴿فارجع البصر هل ترى من فطور﴾(الملك: 3) بل يبينه على افضل واكمل وجه، اذ كما أنه يأمرنا بالتفكر في المخلوقات فانه يقرّر في الاذهان هذا الدليل - دليل العناية - بتعداده الفوائد والنعم، ومن بعد

لايوجد صوت