السيرة الذاتية | تقديم الأخ الفاضل مصطفى صونطور | 7
(1-13)
فهي ملك القرآن. نورد واحدة منها إذ يقول:
((ولو بلغ صوتي أرجاء العالم كافة أقول بكل ما أوتيت من قوة: إن (الكلمات) جميلة رائعة وأنها حقائق وهي ليست منى بل هى شعاعات إلتمعت من حقائق القرآن الكريم. فلم أجمل أنا حقائق القرآن بل لم أتمكن من إظهار جمالها، وإنما الحقائق الجميلة للقرآن هى التي جملت عباراتى ورفعت من شأنها)).
وهناك إيضاح في رسالة (المعجزات القرآنية)، يخص ما ذكر أعلاه وهو: إن أصدق دليل على سمو القرآن الكريم وعلوه، وأوضح برهان على كونه صدقا وعدلا وأقوى علامة على إعجازه هو:
أن القرآن الكريم قد حافظ على التوازن في بيانه التوحيد بجميع أقسامه مع جميع مراتب تلك الأقسام وجميع لوازمه، ولم يخل باتزان أى منها.. ثم انه قد حافظ على الموازنة الموجودة بين الحقائق الإلهية السامية كلها.. وجمع الأحكام التي تقتضيها الأسماء الإلهية الحسنى مع الحفاظ على التناسب والتناسق بين تلك الأحكام.. ثم انه قد جمع بموازنة كاملة شؤون الربوبية والألوهية.

د

هذه (المحافظة والموازنة والجمع) خاصية لا توجد قطعا في أى أثر كان من آثار البشر، ولا في نتاج أفكار أعاظم المفكرين كافة، ولا توجد قط في آثار الأولياء الصالحين النافذين الى عالم الملكوت، ولا في كتب الإشراقيين الموغلين في بواطن الأمور، ولا في معارف الروحانيين الماضين إلى عالم الغيب، بل كل قسم من أولئك قد تشبث بغصن أو غصنين فحسب من أغصان الشجرة العظمى للحقيقة، فانشغل كليا مع ثمرة ذلك الغصن وورقه، دون أن يلتفت إلى غيره من الأغصان، إما لجهله به أو لعدم إلتفاته إليه. وكأن هناك نوعا من تقسيم الأعمال فيما بينهم.

نعم إن الحقيقة المطلقة لا تحيط بها أنظار محدودة مقيدة. إذ تلزم نظرا كليا كنظر القرآن الكريم ليحيط بها فكل ما سوى القرآن الكريم -ولو يتلقى الدرس منه- لا يرى تماما بعقله الجزئى المحدود إلا طرفا أو طرفين من الحقيقة الكاملة فينهمك بذلك الجانب ويعكف عليه، وينحصر فيه، فيخل بالموازنة التي بين الحقائق ويزيل تناسقها إما بالإفراط أو التفريط)
يفهم من هذه الفقرة، ومن كلام الأستاذ نفسه أن (رسائل النور) لكونها تفسير للقرآن الكريم قد أخذت لميعة من هذه الخاصية المعجزة الجامعة الكلية. نورد مثالا واحدا فقط لذلك:
((أنك تقول يا أخي في رسالتك: إن المفسرين قالوا لدى تفسيرهم ﴿رب العالمين﴾ ان هناك ثمانية عشر ألف عالم، وتستفسر عن حكمة ذلك العدد؟
أخي إنني الآن لا أعلم حكمة ذلك العدد، ولكنى اكتفى بالآتى:

إن جمل القرآن الحكيم لا تنحصر في معنى واحد، بل هي في حكم كلى يتضمن

لايوجد صوت