السيرة الذاتية | تقديم الأخ الفاضل مصطفى صونطور | 6
(1-13)
الطابق العلوي من مضيفه فكنت أبيت هناك وقد حفظت آنذاك ما يقرب من تسعين كتاباً في الحقائق. وكنت أعيد ما حفظته في ذاكرتي ثلاث ساعات يومياً فأكمله كل ثلاثة أشهر. فيا إخواني إنى أشكر الله كثيراً على تكراري لتلك المحفوظات حيث أصبحت وسيلة للعروج إلى حقائق القرآن الكريم. ثم بلغت القرآن الكريم وشاهدت أن كل آية كريمة منه تحيط بالكون إحاطة تامة، وبعد ذلك أغناني القرآن عن غيره).
وقد ذكر الأستاذ في (اللمعة الثلاثين) ما يؤيد هذه الخاطرة من أن حجب بعض الآيات قد انكشفت أمامه لدى شرحه للأسماء الحسنى: (الفرد الحى القيوم الحكم العدل القدوس) حيث قال: (لقد ترآءت في أفق عقلى نكتة من النكات الدقيقة.. وتجل من تجليات نور الإسم الأعظم (الحى) أو أحد نوريه أو أحد أنواره الستة، وذلك في شهر شوال عندما كنت في سجن (اسكى شهر) فلم أتمكن أن أثبتها في حينه ولم أستطع أن أقتنص ذلك الطائر السامى، ولكن بعدما تباعد ذلك القبس الوضئ إضطررت إلى الإشارة إليه بوضع رموز ترمز إلى أشعة تلك الحقيقة الكبرى وذلك النور الأعظم).
وأقصد من عرض هذه الأمثلة تأييد ما ذكره الأستاذ النورسي من (أن رسائل النور تفسير معنوي للقرآن الكريم ومعجزة معنوية له).
وأورد خاطره أخرى مثالا للحقائق المذكورة:

خ

كنت انا وزبير مع الأستاذ في غرفة في بستان على حافة بحيرة بارلا ( أغردير) وذلك في ربيع سنة 1954 فقال الأستاذ: (قبل ثلاثين سنة تقريبا وفي هذا الموسم حيث تتفتح أزاهير أشجار اللوز، كنت أتجول هنا (مشيرا إلى الأشجار والبساتين) وإذا بالآية الكريمة: ﴿فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحى الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيى الموتى وهو على كل شئ قدير﴾ ترد إلى خاطري وفتح الله علي هذه الأية في ذلك اليوم فكنت أسير وأتجول وأتلوها بصوت عال حتى قرأتها أربعين مرة، وفي المساء ألفت رسالة الحشر (الكلمة العاشرة) مع الحافظ توفيق الشامي (أي أمليت عليه الرسالة وكتبها).

وينقل المرحوم خلوصي يحيى طيل، الطالب الأول للنور، أن الأستاذ قال له: كانت مائتا آية كريمة تمدني عندما كنت أؤلف (الكلمة العاشرة).
وقال الأستاذ نفسه:
((إنني لا أقول هذا الكلام الذي يخص (الكلمات) تواضعا، بل بيانا للحقيقة وهى:
إن الحقائق والمزايا الموجودة في (الكلمات) ليست من بنات أفكاري ولا تعود إلي أبدا وإنما للقرآن وحده، فلقد ترشحت من زلال القرآن حتى أن الكلمة العاشرة (رسالة الحشر) ما هي إلا قطرات ترشحت من مئات الآيات القرآنية الجليلة وكذا الأمر في سائر الرسائل بصورة عامة)).

وأكد الأستاذ في كثير من مكاتيبه أنه لا يملك الرسائل ولا يمكن له أن يمتلكها

لايوجد صوت