السيرة الذاتية | تقديم الأخ الفاضل مصطفى صونطور | 5
(1-13)
كذلك (إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز) العربية.
وفي الحقيقة أننا لا نستطيع أن نعبر عن مدى استفادتنا من تلك الدروس ومدى استمدادنا الغذاء الروحي والمعنوي منها. فتلك الأيام كانت حقا أسعد أيام حياتنا إذ كنا نذهب معا إلى (بارلا) وإلى (جبل ضام) والدروس مستمرة لا تتوقف، علما بأننا نكاد لا نستوعب الدرس كله في الأيام الأولى لعدم إتقاننا اللغة العربية ولكننا كنا نستفيد ونستفيض من الدرس كمن فهمه كله، إذ كنا نستمع إلى الأستاذ وكأن على رؤوسنا الطير ونرتشف أقواله وكلامه ارتشاف الرحيق ونستسيغه استساغة الظمآن للماء العذب السلسبيل ونتنفسه تنفس الهواء العليل بعد طول تعب وعناء.. وحقا إن أرواحنا وعقولنا ولطائفنا قد استمدت دروسا كثيرة من الأستاذ فتشكر الله تعالى ونحمده حمدا لا نهاية له، وهذا من فضل ربي.
قضينا أياما على (جبل ضام) وعلى قمة شجرة الصنوبر التي كانت موضع تأمل الأستاذ. وبعد مضى سنتين أتى (حسنى) أيضا الذي خدم (رسائل النور) في (أورفة) واشترك معنا في الدرس.
نعم لا يمكنني نسيان ذكريات تلك الأيام الجميلة التي مرت مع الأستاذ، وأذكر لهذه المناسبة بأن الأستاذ كان يبقينا في صحبته أحيانا وأحيانا أخرى يرسلنا إلى أنقرة واستانبول و أورفة وغيرها من المدن لخدمة (رسائل النور) وذلك اعتبارا من سجن أفيون سنة 1948 حتى سنة 1950، أما بعد هذه السنة فقد أخذنا في معيته واستخدمنا في معاونة شؤونه فحسب. وظل الأخ (عبد الله يطن) من قبل في معية الأستاذ وخدمته طوال سنتين أيضاً، وهناك آخرون ظلوا معه وفي خدمته. وقد درّسنا (كليات رسائل النور) التركية منها والعربية، وأمر بطبع (المثنوي العربي النوري) بآلة الإستنساخ -الرونيو- وإرساله إلى مختلف أنحاء العالم. كانت الرسائل تطبع في أنقرة سنة 1956، وتأتى الملازم وتُقرأ في الدروس ويتابعها الأستاذ من النسخة الأصلية التي هي بالحروف العربية ثم يأمر بمباشَرة الطبع. ثم التحقت استانبول أيضاً بفعاليات الطبع والنشر فطبعت (اللمعات، اشارات الإعجاز، المثنوي العربي النوري، عصا موسى، تاريخ الحياة، الشعاعات، وسكة التصديق الغيبي، مع عدد من الرسائل الصغيرة.

ح
وكنا نقرأ يوميا عقب صلاة الفجر من تلك الرسائل وأحياناً بعد الصلوات الأخرى. فأسس الأستاذ بهذا أصول دراسة (رسائل النور) وهى التي عليها الجماعة في الوقت الحاضر.

وهكذا مرت السنوات حتى اقتربنا من سنة 1960 فنُشرت (الملاحق) ومحاورات الأستاذ في مجالسه عند زياراته لكل من بالا وأميرداغ وأسكى شهر وأغردير وإسثارطة وغيرها. نذكر من تلك الخواطر:

قال الأستاذ يوماً: عندما كنت في (وان) خصص الوالى طاهر باشا غرفة لى في

لايوجد صوت