السيرة الذاتية | مقدمة | 32
(31-42)

صفحات عدة. ولم أعجز وأتحير في كل ما كتبتُ من كتابات منظومة او منثورة كما عجزت وتحيرت في هذه المقدمة، لذا فالمطلعون على هذا الكتاب ويقرأونه بنشوة عميقة وجذبة سامية، يرون بإعجاب ان بديع الزمان شخصية ممتازة وعالم فريد قد ترعرعَ منذ صغره بشكل غريب تحت عناية إلهية فائقة.
وبعد ان أحدقتُ النظر في هذا العالِم الجليل ودققت كتبه بجدّ وعرفت طلابه عن كثب، وعشت في عالم النور هذا فكراً وشعوراً وروحاً، عرفتُ مدى حقيقة ما قيل:
ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد

ان المرفرفين في حمى هذا القطب الإيماني والمنجذبين إليه لسمو غايته وجليل دعوته وعظمة إيمانه ونصاعة منهجه هم في ازدياد يوماً بعد يومٍ. فكما ان هذه الحادثة الجليلة المبهرة للألباب تغيظ المنكرين وتطفئ جذوة شوقهم، فهي ايضاً تمنح السرور والإنشراح والسلوان للمؤمنين وتديم أفراحهم.
يعبر أحد المجاهدين الكبار عن هذه الحادثة الإلهية التي تديم حياتها وحيويتها في القلوب المؤمنة من العروة المعنوية، بأسلوب تسبغ على القلوب وجداً وطمأنينة بما يأتي:
بينما الابتذال الخلقي المتفشي كطوفان عارم في ايام حالكة السواد بكل جهة وناحية، تكاد تخنق وتكبح كل فضيلة، نرى بسر إلهي سريان فيض الأستاذ بديع الزمان من قلب إلى قلب سريان السيل الذي لا يُقاوم، فنتسلّى وتقوى آمالنا... نعم لقد أظلمت ليالينا بالسواد الداهم، فانجلاء الصبح إذن قريب.
أجل ان الذين رأوا فيض وتأثير هذا النور المنتشر بسر إلهي من قلب إلى قلب بشكل يستحيل مقاومته ومواجهته، في كل أرجاء البلاد، أحاطت بهم الحيرة، وبدأوا يتسألون: (من هذا الرجل الذي أطبقت شهرته البلاد؟ وما سيرته وآثاره ومنهجه؟ وهل ان ما ينتهجه طريقة صوفية أم جمعية او تحزب سياسي؟).
ولم ينحصر الأمر على هذا بل بدأت التحريات الحكومية الإدارية

لايوجد صوت