الألوف من الأولاد الأبرياء، من حيث استفادتهم من رسائل النور مستقبلاً. فحوّل سبحانه وتعالى هذه العواطف الثلاث والشفقة الرؤوفة الجزئية إلى مئات الألوف منها.(1)
أخوه عبدالمجيد:(2)
إن أخي عبد المجيد، قد شعر بانهيار واضطراب شديدين بسبب إنتقال إبن أخي عبد الرحمن إلى رحمة الله. ولأحوال أليمة وأوضاع محزنة ألـمّت به. كان يأمل مني ما لا أقدر عليه من هـمة ومدد معنوي. ومع أني ما كنت أتراسل معه، إلا أنني بعثت إليـه فجأة بضع رسائل من (الكلمات). كتب اليّ بعد أن قرأها: لقد نجوتُ، والحمد لله، فقد كنت على وشك الجنون، ولكن بفضل الله أخذت كل كلمة من تلك (الكلمات) موقع مرشد لي. ولئن فارقت مرشداً واحداً فقد وجدت - دفعة واحدة - مرشدين كثيرين(3) فنجوت والحمد لله. وأنا بدوري تأملت في حاله، فعلمت انه حقاً قد دخل مسلكاً جميلاً وقد نجا بفضل الله من أوضاعه السابقة(4). وهو من طلابي العاملين المخلصين المضحين.. كان يملك داراً أنيقة جميلة في (وان) وحالته المعاشية على مايرام، فضلاً عن أنه كان يزاول مهنة التدريس.. فعندما استوجبت خدمة القرآن ذهابي إلى مكان بعيد عن المدينة (وان) على الحدود، أردت استصحـابه، إلا أنه لم يوافق وكأنه رأى أنه من الأفضل عدم ذهابي أنا كذلك، حيث قد يشوب العمل للقرآن شئ من السياسة وقد يعرّضه للنفي، وفضّل المكوث حيث هو ولم يشترك معنا. ولكن جاءته اللطمة الرحمانية بما هو ضد مقصوده، وعلى غير توقع منه، إذ أُخرج من المدينة وأُبعد عن منـزله الجميل وأُرغم على الذهاب إلى (أرغاني).(5)
(1) الملاحق -اميرداغ 2/ 397
(2) عبد المجيد: هو أصغر اخوة الأستاذ النورسي. ترجم كثيراً من رسائله الى اللغة العربية الا انها نشرت في وقتها في نطاق ضيق وترجم الى التركية رسائله العربية (اشارات الاعجاز) و (المثنوي العربي). كان مدرساً للغة العربية ثم مفتياً ثم مدرساً للعلوم الإسلامية في معهد الائمة والخطباء والمعهد الإسلامي في قونيا. توفي سنة 1967م عن ثلاث وثمانين سنة من العمر رحمه الله رحمة واسعة.
(3) حيث نفي إلى أرغانى ونفي الأستاذ النورسي إلى بوردور. ويقصد بالمرشدين الكثيرين رسائل النور.
(4) المكتوبات/ 462
(5) اللمعات/ 69 وارغاني قضاء يبعد عن مدينة (وان) 500 كم غرباً.