السيرة الذاتية | الفصل الأول | 59
(43-71)

عدم تأليفهم أي كتاب لنقد رسائل النور او الإعتراض عليها إنما هو:
إجابة سعيد الصغير إجابة صائبة على علماء عظام، في ذلك الوقت. إذ تلك الإجابات السديدة قد فتّت من عضد شجاعتهم وجرأتهم، حتى انهم لم يتصدوا لرسائل النور ولم يعارضوها رغم مخالفتهم لها مشرباً، ورغم ما يحملون من روح المنافسة والغيرة العلميتين.
لذا اقتنعت اقتناعا تاماً ان هذه هي حكمة واحدة لعدم قيام العلماء بالإعتراض على الرسائل. إذ لو بدأ الإعتراض لكان أعداؤنا المتسترون والملحدون ومن يوالونـهم يتخذون ذلك الإعتراض ذريعة مهمة جداً لتهوين شأن رسائل النور وعلماء الدين معا. فالحمد لله حمداً لا حد له، لم يقاوم رسائل النور حتى أولئك العلماء الرسميون الذين تعرضت لهم الرسائل كثيراً.(1)
1892م (1309هـ)
إلى سعرد
(بعد ان مكث مدة شهرين عند أخيه، ذهب إلى مدرسة الملا فتح الله افندي) في سعرد، فسأله الشيخ:
- كنت تقرأ (السيوطى)(1) في السنة الماضية فهل تقرأ (الملا جامي)(2) هذه السنة.؟
- نعم ... لقد أنهيت قراءة الجامي.
فايّما كتاب سأله، أجاب بأنه أتمه. فتعجب من أمره إذ كيف يستطيع أحد ان يقرأ كل هذه الكتب في هذه الفترة القصيـرة، حتى عبّر عن حيرته بأسلوب الملاطفة والمزاح:
- كنت مجنوناً في السنة السابقة، فهل ما زلت على جنونك؟
أجابه الملا سعيد:
- قد يكتم الإنسان الحقيقة عن الآخرين لئلا يداخله الغرور وليكسر نفسه الأمارة بالسوء، ولكن الطالب لا يستطيع سوى قول الحقيقة المحضة لأستاذه الذي يجلّه اكثر من والده. فإن تفضلتم بالأمر فأنا على استعداد للامتحان في الكتب التي ذكرتها.
فبدأ (الملا فتح الله) بطرح الأسئلة. فما سأل سؤالاً من أي كتاب

(1) الملاحق-اميرداغ 2/361
(1) المقصود: البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك.
(2) المقصود : الفوائد الضيائية لعبدالرحمن جامي.

لايوجد صوت