السيرة الذاتية | الفصل الأول | 62
(43-71)

العلوم(1) ليوجهها إلى (الملا سعيد). ولم يتوان الملا سعيد من الإجابة عليها جميعاً.
وبعدها ذهب إلى (جامع قريشي) وبدأ بموعظة الناس وإرشادهم. وعلى إثره بدأ قسم من أهالي بتليس بتأييد بديع الزمان ومناصرته والآخرون بدأوا يناصرون (الشيخ محمد أمين أفندي). فخشي متصرف المدينة من وقوع احتكاك بين الجماعتين فأصدر أمره بنفي الملا سعيد من المدينة إلى شيروان.
وقدّر الله ان تفوته صلاة الفجر ذات يوم. وما ان علم خصماؤه هذا الأمر حتى أشاعوا في المدينة: قد ترك الملا سعيد الصلاة.
وعندما سئل:
- لماذا يتكلم الناس جميعاً هذا الكلام؟
قال: انه لا يشيع أمر لا أساس له بين الناس بهذه السرعة. فالخطأ مني، وقد عوقبتُ به بعقوبتين، أولاها: عتاب الله سبحانه، والأخرى: كلام الناس عليّ.
أما السبب الأساس لهذا الأمر فهو تركي الورد الشريف الذي اعتدت على قراءتـه كل ليلة. فلقد احسّتْ روحُ الناس هذه الحقيقة الاّ انها لم تستوعبها تماماً ولم تعرف الخطأ فأطلقت إسماً آخر على تلك الحقيقة.
وفي شيروان جاءه رجل من إحدى قرى سعرد وقال له:
- لقد ظهر في سعرد عالم صغير يترواح عمره بين الرابعة عشر والخامسة عشر عاماً ولكنه غلب كل علماء المدينة، لذا أرجو منكم الذهاب إلى هناك لمناظرته.
لبّى سعيد هذه الدعوة وتهيأ للسفر معه، وبعد أن تركا المدينة وسارا لمدة ساعتين سأل سعيد مرافقه الداعي عن أوصاف ذلك الفتى العالم. فقال له:
- إنني لا أعرف اسمه، ولكنه كان يلبس ملابس الدراويش عند قدومه مدينتنا ثم تزيّا بزي طلاب المدارس الدينية، وأفحم جميع العلماء.
عند ذلك علم سعيد بأن ذلك العالم الفتى لم يكن الاّ نفسه، أي انه كان مسافراًِ لمناظرة نفسه! لذا رجع إلى شيروان. ثم ذهب إلى إحدى قصبات مدينة سعرد تدعى تيللو(1) حيث اعتكف هناك.(2)

(1) إحدى تلك المسائل مذكورة في مجموعة صيقل الإسلام / 238
(1) "تيللو" قصبة تمتاز إلى الآن بتخريج العلماء الصالحين، تبعد عن مدينة سعرد سبع كيلو مترات.

لايوجد صوت