السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 134
(124-149)

مررت بأحزان الدنيا، وأطلقت جناحي
للحرمان
طائراً في شوق، صائحاً في كل لحظة:
صديق!.. صديق..!
على أي حال.. فقد اصبح (عجزي) و(ضعفي) في تلك الليالي المحزنة الطويلة والحالكة بالفرقة والرقة والغربة وسيلتين للتقرب إلى عتبة الرحمة الإلهية، وشفيعين لدى الحضرة الإلهية، حتى أنني لا أزال مندهشاً كيف استطعت الفرار بعد ايام قليلة. واقطع بصورة غير متوقعة مسافة لا يمكن قطعها مشياً على الأقدام الاّ في عام كامل، ولم اكن ملمّاً باللغة الروسية. فلقد تخلصت من الأسر بصورة عجيبة محيّرة، بفضل العناية الإلهية التي ادركتني بناء على عجزي وضعفي، ووصلت استانبول ماراً بـ(وارشو) و(فينا). وهكذا نجوت من ذلك الأسر بسهولة تدعو إلى الدهشة، حيث أكملت سياحة الفرار الطويل بسهولة ويسر كبيرين، بحيث لم يكن لينجزها أشجع الأشخاص وأذكاهم وأمكرهم وممن يلمّون باللغة الروسية.(1)
1918م (1336هـ)
العودة من الأسر:
كان هناك استقبال رائع عند عودتي من الأسر إلى استانبول(2) سواء من قبل الخليفة او شيخ الإسلام، او القائد العام، او من قبل طلبة العلوم الشرعية، وقوبلت بتكريم وحفاوة اكثر مما استحق بكثير...(3)
في دار الحكمة الإسلامية:
وقد رأت حكومة الإتحاد والترقى بالإجماع انه -يقصد نفسه- أوفق شخص لتبليغ الحكمة الإسلامية إلى حكماء أوروبا بشكل مؤثر.(4) [إذ يقول]: فلبثت في استانبول لخدمة الدّين في (دار الحكمة الإسلامية) حوالي ثلاث سنوات.(5)
[ويصف ابن أخيه عبدالرحمن، حالة عمه بعد عودته من الأسر
----------------------

(1) اللمعات/ 359
(2) في 19 من شهر رمضان المبارك 1336هـ الموافق 8 تموز 1918م
(3) اللمعات/ 354
(4) الشعاعات/515
(5) اللمعات/ 347

لايوجد صوت