السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 143
(124-149)

أحدهما: مت، لقال الآخر: ابعث. فنفعُ أحدهما يسلتزم ضررنا واختلافنا وتدنينا وضعفنا مثلما تقتضي منفعة الآخر قوتنا واتحادنا بالضرورة.
كانت خصومة الشرق تخنق انبعاث الإسلام وصحوته. وقد زالت وينبغي لها ذلك. أما خصومة الغرب فينبغي ان تدوم لأنها سبب مهم في تنامي الاخوة الإسلامية ووحدتها.
واذا بأمارات التصديق تتعالى من المجلس. فقالوا:

نعم، كونوا على أمل؛ ان اعظم صوت مدوّ في انقلابات المستقبل هو صوت الإسلام الهادر.
وسأل أحدهم ايضاً:
ان المصيبة نتيجة جناية، ومقدمة ثواب. فما الذي اقترفتم حتى حكم عليكم القدر الإلهي بـهذه المصيبة، إذ المصائب العامة تنـزل لأخطاء الأكثرية؟ وما ثوابكم العاجل؟
قلت: مقدمتها إهمالنا لثلاثة أركان من أركان الإسلام؛ الصلاة ، الصوم، الزكاة. إذ طلب منا الخالق سبحانه ساعة واحدة فقط من أربع وعشرين ساعة لأداء الصلوات الخمس فتقاعسنا عنها . فجازانا بتدريب شاق دائم أربع وعشرين ساعة طوال خمس سنوات متواليات. أي أرغمنا على نوع من الصلاة.. وانه سبحانه طلب منا شهراً من السنة نصوم فيه رحمة بنفوسنا، فعزّت علينا نفوسـنا فأرغمنا على صوم طوال خمس سنوات، كفّارة لذنوبنا. وانه سبحانه طلب منا الزكاة عُشـراً او واحداً من أربعين جزءٍ من ماله الذي أنعمه علينا، فبخلنا وظلمنا. فأرغمنا على دفع زكاة متراكمة. فـ(الجزاء من جنس العمل).
أما ثوابنا العاجل، فرفعُه سبحانه وتعالى خُمس هذه الأمة المذنبة - أي أربعة ملايين منهم - إلى مرتبة الولاية ومنحهم درجة الشهادة والمجاهدين. فالمصيبة العامة الناشئة من خطأ العامة أزالت ذنوب الماضي.
فقال أحدهم ايضاً: إن كان آمراً بخطأٍ ألقى الأمة إلى الهلاك؟
قلت: ان المصـاب يرجو الثواب. فإما ان تُعطى له حسنات الأمر الذي ارتكب الخطأ، وهي لا تعدّ شيئاً. او تعطيه خزينة الغيب. وثوابه في مثل هذه الأمور من خزينة الغيب هي درجة الشهادة والمجاهدين.
رأيت ان المجلس قد استحسن هذا الكلام. وانتبهت من النوم من شدة انفعالي. ووجدت نفسي في الفراش مشبّكاً يديّ، يتصبب مني العرق.

لايوجد صوت